بيان لأجلِ الشّعرِ والوطنِ ...!!
محمود غانمي – سيدي بوزيد / تونس.
آخر قصيدة كتبتها بعد استرجاع أنفاسي، من بعد كتابة رسالة الدّكتوراه التي أنهكتني وكادت تقتل شيطانيَ الشّعريَّ، كلماتنا في القصيدة تقتل قصيدتنا، على طريقة قول نزار قباني: "كلماتنا في الحبّ تقتل حُبّنا".
تصدير " أحسن الكلام ما رقَّ لفظُهُ،
ولَطُفَ معناه، وتلألأ رونقُهُ، وقامت صورتُه بينَ نظْمٍ كأنَّهُ نَثْرٌ، ونثرٍ
كأنّهُ نظمٌ ". – أبو حيان التوحيدي
-
لَمْ أخُنْ عَهْدَ صِدْقي مَعَ الكَلِمَاتِ
فَلمْ أكْتُبُ الشِّعْرَ مِنْ أجْلِ أغْنِيةٍ
حَالِمهْ
أَوْ لأجْلِ وُرُودِ بلادِي وقَدْ أَزْهَرَتْ
للعَصَافِيرِ تَشْدُو عَلَى رَبْوَةٍ عَالِيَهْ
فأنَا لَمْ أَعُدْ شَاعِرًا حَالِمًا
إنّما الحُلْمُ في وطَنٍ حَالِمٍ بِانتِصارَاتِ
أَحْلامِهِ
إنَّنِي أعْصِرُ الحُزْنَ في كَلِمَاتي
لِيَرْتَشِفَ الشّعْبُ قَافِيتِي بَلْسَمًا لجِرَاحَاتهِ
وانْكِسَاراتِهِ.
شَعْبُنَا ألْهَمَ الشُّعَرَاءَ مَوَاوِيلَ مِنْ
خَزَفٍ بَرْبَرِيٍّ تُطَرّزُهُ الكَاهِنَهْ
.........!!!
بِاسْمِهِ شَعْبُ تُونِسَ تَنْدَلِقُ
الأُغْنِياتُ
كَأسْرَابِ طَيْرٍ مِنَ القَافيهْ
نَحْنُ نَخْطُو على تُرْبِهَا كَيْ نَخُطَّ
إرادَةَ شعْبٍ
يُرِيدُ الحَياةَ بِلا ظالِمِينَ ولا فاسِدِينَ
ولا كَهَنَهْ
هؤلاء الذينَ عَلَى ظَهْرِ ثَوْرَتِنَا رَكِبُوا
ألْبَسُوا شَعْبَ تُونِسَ خِرْقَةَ
دِيمُوقْرَاطيّةٍ بَالِيهْ
وَرَمَوْا لَهُ عَظْمًا مِنَ الثّرَواتِ
لِيَسْكُتَ عَنْ ثَرْوَةٍ نُهِبتْ مِنْ وَكِيلٍ
لِمُسْتَعْمِرٍ
مَدَّدَ العَقْدَ كيْ تُنْهَبَ الثّرواتُ
.........!!!
كان حُلْمًا حَمَلْناهُ حُلْوًا بِثَوْرَتِنَا
أنْ يَرَى الشَّعْبُ أَوْطانَهُ جَنّةً عادِلَهْ
وَيَرَى الشَّعْبُ نَفْسَهُ سَيِّدَ نَفْسِهِ
يَنْعَمُ بالخَيرِ في أرْضِهِ
بقُطُوفِ جَنَائنَ فُسْفَاطِهَا الدّانِيَهْ
أَو بِبِترُولِهَا سَاكِنًا جَوْفَ صَحْرَائِها
الحَانيَهْ
غَيْرَ أنَّ كَوَابيسَ حِقْدِ السّياسةِ أجْهَضت
الحُلْمَ إثْرَ
بمَعَارِكَ زائفَةٍ واهِيَهْ
شَتّتُوا الشَّعْبَ حتّى غَدَا سادِرًا في
غوايةِ سَاسَتِنَا والولاءِ لهُمْ
فانبَرَيْنَا لنَكْتُبَ أحْزانَنَا عِوَضًا عنْ
مَسَرَّاتِنَا
في مسَارَاتِ ثوْرَتِنا ألْفُ جُرْحٍ بِهَذا
النَّشيدِ
فَكَيْفَ إذَنْ يكْذِبُ الشّعَراءُ عَلينَا
بِقَوْلِ المَجَازاتِ دُونَ الحَقيقَةِ ؟
أَعْذَبُ ما في القَصيدةِ قَوْلُ الحَقيقَةِ
هَا أنَّنِي مَثَلاً لَسْتُ أرْغَبُ في هَجوِ
ذِئْبٍ صَريحٍ بِبَعْضِ الكِناياتِ
إنّهُ يَنهَشُنِي نَهْشَ مُفترِسٍ دُونَمَا
مَانِعٍ مِنْ قَوَانِين دولَتِنَا
يَمْنَعُ القُوتَ عَنْ صِبْيَتِي بمَعَاوِلَ
هَدْمِ الأجورِ
وَيَبْنِي قُصُورًا لَهُ فِي سَمَاء الفَسَادِ
كَثِيرُونَ مِثْلِي جِيَاعٌ لِقَوْلِ
الحَقِيقَةِ
لَكِنّنَا فِي الحَقيقةِ مُخْتَلِفُونَ بِأيِّ
اللّغَاتِ نَقُولُ الحَقِيقةَ.
لِي لُغَتِي لاَ مَجازَ بِها
وَلَهُمْ لُغةٌ ضَاعَ نِصْفُ حَقِيقَتِها في
المَجَازِ!!
لِذَا لَنْ أُجامِلَ في لُغَةٍ مِنْ مَجَازٍ
فَأَهْتِفَ بالنّصْرِ لِلشَّعْبِ
والشَّعْبُ يَسْكُنُ للذّئْبِ يَغتَالُ فِيهِ
الكَرَامَة والخُبْزَ جُبْنًا على جُبْنِ
فَرّقَ شَعْبَ بلادي طُبُولُ انتِخاباتِهِمْ
فَتَفَرّقَ بَلْ ذَهَبَتْ رِيحُهُ
فغدا مِزَقًا في عُيُونِ الذّئابِ
بِخِذلانِهِم حَقَّهُم أصْبَحَتْ تونسُ الأُنْسِ
موحِشَةً
بَعْدَما كانَ يَسْكُنُهَا الأُنسُ
والإِنْسُ صارُوا ذِئَابًا، وَكُلّهُمُو تَائهٌ
في وِهادِ السّياسةِ
وَيظُنُّونَ بأنَّهُمُ الفٍرقَةُ النّاجِيَهْ.
م. غ. 06/04/2021.