النص الذي تقرأينه الآن
منصور جغيمان
النص الذي تقرأينه الآن
ليس لي و ليس نصا لآخر
هذا نص لم يكتبه أحد
و كعادة النصوص
التي تكتب
نفسها
بنفسها
لا تخبر أحداً
من أين جاءت و لا إلى أين تذهب
أيتها الواقفة الآن
على الضفة الأخرى من كل شئ
تراقبين
انعكاس الغياب على الماء
وجهكِ يملأ
المسافة بين المنبع و المصب
لكنكِ لا تبالين
هكذا تروضين حزنكِ
تنشرين الدمع
على حبل الله و ترقصين
فيقول غصنٌ في الغابة : آمين
صار هذا الغصن الناي الأول
و صارت رقصتكِ الصلاة الأولى
و صرت أنا عراب الدموع
كلما حزنت أنثى
أهز حبل الله ، و أبكي كثيرا
هذا النص
لا يهدف لتحقيق أرباح مادية
ليس غزوة لفتح حصون مغلقة
كما أنه غير مسئولٍ عن مصير أحد
أفقد الرغبة دائما في غيابك
أتعرفين معنى
أن تصير أبسط الأشياء عبئاً
أن تكون المسافة
بيني و بين زر الإنارة في الغرفة
أبعد من المسافة بين الأرض و المريخ
أن يكون فتح الباب للطارق
أكثر صعوبةً من فتح الأندلس
أن يصبح صنع كوب شاي عملا بطوليا
جربت أشياء عديدة
لأتخلص من ورطتي فيكِ
أن أكون تافهاً مثلا
أن أقول كلاماً
لا يضحك أحدا ، و أضحك
أن أقلل من لباقتي
و أكتب أشياء
لا آخذها أبدا على محمل الشعر
أن أكون وقحاً
و أخونكِ مع امرأة و اثنتين و ثلاث
أن أكون شخصا آخرا
لا يعرفكِ و لا تعرفينه
لكني أفشل في كل مرة
و في كل مرة أهز حبل الله ، و أبكي كثيرا
هذا النص لا دم في عروقه
كلما وخزه ناقدٌ بإبرة
سالت منه علامات تعجب
هذا النص لا غاية من وراءه
أو هكذا
يقول هو عن نفسه
كلما سأله سائلٌ عن هويته
ماذا يصنع البحر بالمراكب المثقوبة
و هل ينجح الوقت
في عقد صلحٍ بين النجاة و بين الغرق
أيهما أحق بالعيش
هيمنجواي أم سمكة القرش
أم كلاهما أم لا أحد ؟!
حين يوكل الرد للبندقية
فلا تنتظر أن تعود إلى المراسي
كن كهذا النص
لا تدري من أين جئت و لا إلى أين تذهب
و اضغط على الزناد
اضغط على الزناد إذا أردت أن تهز حبل الله