وداعا حبيبي أ.د. محمد حسن السمان
أحمد حسن محمد
إلى
حبيبي وأبي وأخي وروحي الإنسان العظيم والقلب الكبير، من له –بفضل الله- فضلٌ كبير
قديم عليَّ، أ. د. محمد حسن السمان في جنته بإذن الله ورحمته، من ابنك أحمد حسن،
ما علمت برحيلك يا حبيبي الا اليوم والله..
***
هَلْ
مَاتَ؟ لَوْ مَاتَ حَتَّى،.. فَهْوَ لَمْ يَمُتِ
وَلَنْ... وَلَوْ قِيلَ، مَهْمَا قِيلَ عَنْ
ثِقَةِ
مَا
زَالَ يَنْظُرُ فِي مِرْآةِ عَيْنِيَ، كيْ
أَرَى،
وَيَمْشِي طَوَالَ الشَّوْقِ في لُغَتِي
يَؤُمُّني
نَحْوَ حُلْمي، مُنْذُ وَضَّأَنِي
بِنَظْرَةٍ،
أَذَّنَتْ شِعْرِي عَلَى شَفَتِي
مِنْهَا
عَرَفْتُ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ عَلَى
سَجَّادَةٍ
وَرَقٍ فِي صَفِّ أَخْيِلَتِي
وَكَانَ
مِنْ أَوَّلِ الُمْعْطِينَ لِي قَلَمًا
وَقَالَ
لِي: انْصبْهُ فِي سَطْرٍ كَمِئْذَنِةِ
نَصَبْتُهُ،
ثُمَّ مِنْ أَيَّامِهَا وَأَنَا
مُؤَذِّنُ
الْحِبْرِ فِي مِحْرَابِ فَلسَفَةِ
صَلَّيْتُ،
حَتَّى أَرَى لِي أَيَّ مُعْجِزَةٍ
تُهْدَى
لَهُ، قَالَ: يَابْنِي، أَنْتَ مُعْجِزَتِي
دَفَنْتُهُ
وَقْتَهَا فِي النَّبْضِ، جُبَّتُهُ
رُوحِي،
وَلِيًّا.. وَقَلْبِي أَرْضُ أَضْرِحَةِ
فَكُلَّمَا
تُهْتُ فِي صَحْرَاءِ مَسْأَلَةٍ
نَادَى
بِعَطْفِ حُقُولٍ نَحْوَ سُنْبُلَةِ
أَقُولُ
"أَيْنَكَ"، لَكِنْ لَا يَقُولُ سِوَى:
"فِيكَ"،
الْتَفَتُّ لَهُ فِي أصْلِ حَنْجَرَتِي
فَفَاتَنِي عِنْدَهَا حَتَّى يُعَلِّمَني
فَنَّ
التَّخَلِّي، فَلَمْ يَلْحَقْهُ مُلتَفِتي
نَادَى
"عَرَفْتَ، إِذَنْ؟"، وَازْدَادَ فِيَّ كَمَا
لَمْ
تَقْوَ –قَبْلُ- كِنَايَاتِي وَتَوْرِيَتِي
حَتَّى
اكْتَفَيْتُ بِطَعْمي، مِثْلَ أُحْجِيَةٍ
حُلُولُهَا
خُطْوَةٌ فِي أَلْفِ أُحْجِيَةِ
لَمَّا
رَآنِي وَقَدْ أَدْمنْتُ كَمْ غَرَقٍ..
أَلْقَى
لِيَ الشَّطَّ فِي أَعْمَاقِ أَوْرِدَتِي
خَرَجْتُ
مِنْ مَوْجَةِ الْمَاضِي، لأَشْكُرَهُ
مِثْلَ
الْغَرِيبَيْنِ، لَكِنْ قُلْتُ: يَا أَبَتِ
وَلَمْ
تُكَذِّبْ "دِمشْقُ" الطِّفْلَ فِي لُغَتِي
فَرَحَّبَتْ
بِي، وَرَبَّتْ فِيَّ قَافِيَتِي
فَكَانَ
يُمْسِكُ أَقْلَامِي بِكُلِّ يَدِي
لِيُثْبِتَ
الْعِطْرَ فِي إِصْحَاحِ زنْبَقَتِي
وكَانَ
أَرَّخَ فِي نَعْلَيَّ كَمْ جِهَةٍ
حَتَّى
إِذَا ضِعْتُ نَادَتْ خُطْوَتِي جِهَتِي
..
وَكَانَ وَاللهِ لَمَّا كُنْتُ مُزْدَحِمًا
بِجِسْمِ
مُرِّي، بَدَا لِي رُوحَ سُكَّرَةِ
عَرَفْتُهُ
وَأَنَا رَهْن السُّقُوطِ عَلَى
لَا
أَرْضَ، أَهْدَى طُيُورِي بَعْض أَجْنِحَةِ
وَكُنْتُ
جُنْدِيَّ آلَامِي، أُحَارِبُنِي
وَأَسْفكُ
الرُّوحَ مِنْ شِرْيَانِ محْبَرَتِي
أَعَادَ
تَعْلِيمَ سَيْفِي أَنَّ تِلْكَ يَدِي
وَأَنْ
جُرُوحِي لِنَفْسِي غَيْرُ لائِقَةِ
وَأَنَّ
كُلَّ قَنَاعَاتِ الْحُرُوبِ إِذَا
لَمْ
تُنْهِ طَعْمَ احْتِلَالِي مَحْضُ هَلْوَسَةِ
وَأَنَّ
مَعْرَكَةً سَاوَتْ هَزِيمَتُهَا انْتِصَارَهَا دَائِمًا لَيْسَتْ بِمَعْرَكَتِي
فَكَيْفَ
أَزْهُو بِقَتْلي لامْرئٍ، وَلَهُ
طِفْلٌ،
هُوَ ابْنِي، وَهَذِي الأُمُّ أَرْمَلَتِي
فَيَنْبَغِي
أَنْ أَرَى سَطْرًا أَحَبَّ سِوَى
سَطْرِي
الْمُدَمَّرِ فِي أَنْقَاضِ تَجْرِبَتِي
لأَنَّنِي
–مِثْلَمَا تَرْجَمْتُ نَظْرَتَهُ-
مَحَارَةٌ
لَمْ أُثَمِّنْ –بعْدُ- لُؤْلُؤَتِي
أَعْطَى
رَغِيفَيْنِ لِي، وَاللهُ أَعْلَمُ بِي
وَكُنْتُ
أَحْوَجَ إِنْسَانٍ لأَرْغِفَةِ
كَمْ
قَالَ "خُذْ"، لَمْ يَقُلْ لِي "هَاتِ"، قُلْتُ لَهُ:
"أَلَنْ
تَقُولَ...؟" مَشَى بِي، دُونَ أَجْوِبَةِ!
وَظَلَّ يَتْرُكُ لِي فِي خُطْوَتَيْهِ رُؤًى
وَوجْهَةً،
وَطَرِيقًا جَنْبَ بُوصَلَةِ
أُحِبُّهُ
مِثْلَمَا أَحْبَبْتُ نَفْسِيَ، كَمْ
أَعْطَيْتُهُ
"كُلْيتي" فِي "حُلْمِ" تَضْحِيَتِي
وَكَمْ
تَنَزَّهَ فِي قَارّاتِ ذَاكِرَتِي
وَكَمْ
تَنَفَّسَ رَغْمَ الْبُعْدِ مِنْ رِئَتِي
وَكَمْ
أَتَى أَلْفُ "مُوسِى" مِنهُ "مِصْرَ" دَمِي
فِي
وَقْتِ طَيْشِي، فَلَمْ تَكْفُرْ فَرَاعِنَتِي
أُحِبُّهُ
مِثْلَ طِفْلٍ حِينَ قِيلَ لَهُ:
"أَبُوكَ
مَاتَ" بَكَى مِنْ دُونِ أَسْئِلَةِ
وَبَاتَ
يَنْبشُ حِضْنًا فِي التُّرَابِ لِكَيْ
ينَامَ
جَنْبَ أَبٍ فِي حِضْنِ مَقْبَرَةِ
أُحِبُّهُ
مِثْلَ فَلَّاحٍ لِسُنْبُلِهِ
وكَالْعَجُوزِ
لأُنْسٍ فَوْقَ مصْطَبَةِ
وَكَالْقَصَائِدِ
لِلْأَقْلَامِ فِي وَرَقِي
وَكَالْغُصُونِ
لأَزْهَارٍ وَفَاكِهَةِ
وَكَالطّيُورِ
لأَعْشَاشٍ وَرَفْرَفَةٍ
وَكَالشَّوَاطِئِ
فِي اللقْيَا بِأَشْرِعَةِ
وكَالْمَوَاسِمِ
لِلْحَقْلِ السَّخِيِّ عَلَى
غُصُونِهَا
بِثِمَارٍ مُعْظَمَ السَّنَةِ
أُحِبُّهُ..
لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَعْذرُهُ
لأنَّهُ
غَابَ عَنِّي دُونَ مَعْرِفَتِي
هَاتَفْتُهُ..
لَمْ يَرُدَّ.. الْحُزْنُ وَسْوَسَ لِي
بِأَنَّهُ
لَمْ يَعُدْ تعْنِيهِ مُشْكِلَتِي
وَأَنَّهُ
نَسِيَ ابْنًا فِي الزّحَامِ، وَلَنْ
يَعُودَ
يُنْقِذُهُ مِنْ أَلْفِ مَضْيَعَةِ
وَالْيَوْمَ
أَرْجُو لو اْنَّ الْحُزْنَ يَصْدُقُ فِي
مَا
قَالَ عَنْهُ لِقَلْبِي بِاسْمِ وَسْوَسَتِي
يَا
لَيْتَهُ كَانَ مَشْغُولاً، فَيُهْمِلَنِي
وَلَا
يَرَدّ .. وَلَا يَرْجُو مُكَالَمَتِي
لَكِنَّهُ.....
ماتَ.. لَمْ يَتْرُكْ عَلَى سَعَةٍ
فِي
الأَرْضِ لِي غَيْرَ كَوْنٍ حَجْمَ مَقْبَرَةِ
هَلْ
مَاتَ حَقًّا، وَمَا عَادَتْ لأُمْنِيَتِي
مِنْ
فُرْصَةٍ لِلِقَاءٍ مَحْضِ أُمْنِيَةِ!
أَلَنْ
أَرِنَّ عَلَيْهِ الآنَ، ثُمَّ إِذَا
رَأَى
–الْمَسَا- رَقَمِي، يَنْوِي مُهَاتَفَتِي
..
هَلْ
مُتَّ..؟ لَوْ مُتَ حَتَّى، أَنْتَ لَمْ تمتِ
فَكَيْفَ
لَمْ تَتَّصِلْ بِي اليَوْمَ يَا أَبَتِ
شعر
أحمد حسن محمد (أبو إلياس)
مع
السلامة يا حبيبي وانا لله وانا اليه راجعون