لماذا انجذب الدكتور طه حسين الى الأدب والفكر و الثقافة اليونانية
العقيد بن دحو
الأديب الأريب اللبيب ’ الألمعي الكبير يأبى إلاّ أن يكون كذلك لغة وفكرة وحدثا و أسلوبا ووحدة أسلوب ووحدة نغم , وعظمة الشخصيات.
وبعد أن مسح الدكتور طه حسين الأدب
الجاهلي أدبا و أديبا ومحيطا , واصفا الحيوان و قوقعته و بيدائه , ومنذ أن انتقل
الى فرنسا لمتابعة دراسته العليا عام 1914 , حين أوفدته الجامعة المصرية الى
(مونبيليه) , حيث تزوج من فرنسية وظل بقرنسا 1951 , حبث تزامن مع الثورة الثقافية
و الأدبية والفنية التي شهدتها فرنسا , حيث ظهر جيل أدبي جديد حديث قاد الثورة
الأدبية و الثقافية الفكرية الفنية من حلم الثورة الى فكرة التطور و الى فعل
النهضة التي شهده العالم الغربي عموما رغم بوادر الحرب العالمية الثانية.
حيث ازدهرت عدة اجناس ومذاهب ومذارس
أدبية وفنية انبثقت عنها بوادر و مدارس أدبية أخرى كالكلاسيكية الحديثة التي ولدت
عنها الرومانسية و النيو رومانسية , والدادائية التي ولدت عنها السيريالية ,
والرمزية التي ولدت عنها التعبيرية و الوجودية , ناهيك عن طعم الحرية - اذ لا حرية
لأعداء الحرية- التي بدأت تتذوقه معظم البلدان الأوروبية وصارت فرنسا التي صار
يطلق عليها (ثدي العالم) الذي أرضع معظم الحركات التحررية بالعالم.
و بأثر رجعي أستفاد طه حسين من اللغة
الفرنسية كوعاء للفكر , واستخدمها كغاية ووسيلة , بل الغاية والوسيلة في حد ذاتها.
الجميل في عميد الأدب العربي الدكتور
طه حسين هو لم يكتشف حجر الفلاسفة اليونانسة للمصريين ولا للعرب , كون مصر كانت
تسمى ( هلينة الشرق) و انما اكتشف عظمة اللغة العربية التي تتكامل مع عظمة الأدب
والفن والثقافة والفكر الكبير اليوناني والغربي على الأعم.
ثانيا / الأجمل في الدكتور طه حسين
هو اكتشافه لتداعيات جل الأداب والفنون , كأن يتحول من جنس أدبي الى جنس فني كنص
(أونتجون) التي تحولت من نص أدبي درامي عند ( صوفوكل اليوناني) الى لوجة فنية عند
(كوكتو) , أو كما هي عند (إلكترا) عند اسخيلوس الى لوحة فنية سيريالية ( الكترا
عند قبر أجامنون) , أو هي ملحمة ( الأوديسة) للشاعر الملحمي هوميروس الى قطعة
موسيقية بعنوان (بينلوب) للموسيقار الأخوة (جبرائيل فوريه و ورينيه فوشوا).....
ثالثا / لقد ساهم اسلوبه السهل
الممتنع في ترجمة العديد من الروائع الفكر اليوناني الى العربية.
رابعا / لقد أحبّ الدكتور طه حسين
عظماء اليونان كتابا و عظماء كونهم كانوا يشبهونه فكرا واسلوبا و فلسفة و سلوكا ,
لقد أحب ( هوميروس) و ( أوديب ملكا) و الملك الكاهن ( تريسياس) , و ( سقراط) ,
كونهم شاركوه نقمة شرر البصر , كما شاركوه نعمة بصبرة التفلسف و الإبداع و الفكر.
ولطالما ظلت الثقافو اليونانية هي
المركز و المحور الذي يدل على ان هذا التنويري مثقفا و إلا انتزعت منه صفة المثقف
الناقد .
كم أنت رائع ابها الدكتور طه حسين ,
وبعد أن اسردت لنا في (ثيوغونيا) سيرتك الذاتية في كتابك ( الأيام) , أعدتها لنا
بالتفصيل من خلال ما احببت من أداب و عظماء اغريق ألهة وبشر.
لذا لم يكن غروا أن صرح يوما, ولم
يخفي عاطغته الجياشة بإتجاه الأدب اليوناني و الغن اليوناني والفكر ايضا , وكما
ذهب اليه من قبله ( هوراس) و ( فرانسوا كروازيه) بقوله : " الأدب اليوناني هو
الأدب الوحيد الذي اذا بدأه القارئ لن يتخلى عنه إلا عند الورقة الأحيرة , وهو
الأدب الوحيد الذي يبكي فيه القارئ اذا بكى او تألم البطل , ويضحك اذا ضحك او فرح
البطل "
أين نحن اليوم من الأدب والفن و
الفكر والثقافة اليونانية حتى نسمي الجزائر ( هلينة الجنوب) من خلال اعادة قراءة
طه حسين أديبا و مفكرا و ناقدا , ومن خلال اعادة قراءة الأدب اليوناني اسطورة
وخرافة / ميثولوجيا و فلسفة , ونعيد ترتيب البيت الثقافي الفني من خلال الفكر
الكلاسيكي التقليدي الأغريقي.
هذه كلمة قلتها و امشي اذا كان لا
يزال للحديث بقية , واذا كان البقية صمت كما قال تشكسبير على لسان هاملت.