أولوية المثقف عن السياسي
العقيد بن دحو
فرصة ما بعدها فرصة , تلك التي تمنحها هذه الحملة الإنتخابية ( الشواش) / الضبابية , التي تظهر لنا يوميا وجوها وصورا بقد ما تحمل من وراء كل أمل جديد خوف جديد , كونهم أولى العهد لهم بالحدث , وحديثي السن , وكل يوم يمر على الحملة الإنتخابية تشعر بأنهم لا يزدادون تقدما ولا ولوجا و انما بعدا ما بعده بعدا.
وحتى ان قيل نحن في مرحلة : " اللي أمه نعجة يأكلها الديب " !
بالتعبير الساذج الدارج , فمن جهة أخرى علينا أن نقيّمه ونقومه ونهذبه و ننعمه , و ننثقفه , فيصير " الذيب" ذئبا , و العلاقة ( ابراهام نكولن))
حتى ان حاول اجتثاث راعي عنزة من براثن الذئب تعتبره العنزة بطلا قوميا , بينما يعتبره الذئب دكتاتوريا , و بين ( البطولة) و ( الدكتاتورية) ضاعت الكثي من الحقوق الطبيعية , التي ينطبق عليها بدورها المثل الشعبي :
" ما تجوع الديب ما تبكي الراعي " !.
فرصة ما بعدها فرصة , ومع هذا الهزال السياسي التي تحاول أن تقدمه هذه الحملة التي لا تقنع أحدا , ليبزغ الرجل الظل بهذه الفترة بالضبط الثقافية بإمتياز ( الحملة الإنتخابية) دورها الحقيقي تثقيف الشعب , أين من المفروض تطرح أمام الناخب عدة احتيارات , يختار منها الأقوم و الأصلح.
و يبدو فعلا المثقف في أوج سلطته المعنوية , أين تتفوق بالضبط غي هذه اللحظات حتى سلطة السياسي , سلطة المثقف ( المانا) / ( mana) , و منه جاءت ( الماناليزم) / ( manalisme ).
كم يبدو اليوم طبيعيا وواقعيا المثقف الفائز المسبق بهذه الإنتخابات حتى ان لم يعلن عن ترشحه و انتخابه , و الساكنة و السواد الأعظم من الكتلة الناخبة تدري لماذا يتقدم هذا المتأخر
, و يتأخر المتقدم.
كم يبدو المثقف اليوم سيد المقعد البرلماني و الناس تحييه عن قريب و عن بعيد , و تلتقط معه هذه الصور و تلك , بينما صاحب القضية الفائب الأكبر عن الحدث.
و أنا أراقب هذه الأحداث و تلك أستشرف تلك العلاقة التاريخية التي كانت تجمع و تربط بين ملك فرنسا ( الويس الخامس عشر) و الشاعر الفرنسي ( فولتير) , كانا بجولة استجمامية باليخث الملكي بعرض البحر و فجأة اضطرب البحر , فسارعا الى الشط , فكان ان نزل فولتير أولا خارقا أحدى قواعد البرتوكول و الأعراف الدبلوماسية الملكية , فقال الملك : أتظن حياتك فولتير أغلى من حياة الملك ؟
- قال فولتير ( متهكما) : عفوك سيدي , يوجد كثير من الملوك بهذا العالم , لكن لا يوجد إلا شاعر واحد........!.
ما أشبه البارحة باليوم , و الجميع يشعر بعرض بحر الحملة الإنتخابية , و لكن يبدو الناجي الوحيد من هذه ( الهول) المثقف , كون العديد من السياسيين , المترشحين , لكن تقرأ في أعينهم قراءات متعددة , الكثير من عدم الثقة بالنفس , هل هم فعلا مترشحين , هل فعلا المركب و اليخث البحري يتقدم بهم نحو الشاطئ أو نحو عرض البحر أكثر و أكثر و أكثر......؟
دور الإنتخابات الحقيقية بهذه الفترة بالضبط هو تثقيف الشعب , وهؤلاء ( السكين) عاجزين كل العجز عن تثقيف ( الرمح) / ( الثقاف) أصل الكلمة البدء , ناهيك عن تثقيف الشعب أو محاولة اقتطاع كتلة من الكعكة الناخبة المحلية او الوطنية.
و عليه أمام هذه الظاهرة يظل " الذيب " ديبا , و الذئب ذئبا و الراعي راعيا ,و العنزة عنزة , و الغابة غابة , و البطولة بطولة , و الدكتاتورية دكتاتورية , وحده المثقف الحقيقي عرف قدر نفسه و جلس دونه , و أنأى بنفسه ال رابية نفسية يترقب الأحداث فإن بالأمر قصة تاريخية تجمع بين ملك و شاعر اخوة و اصدقاء اعداء !.