جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
فلسفةنقدAkid Bendahou

(هيمون) في مواجهة (كريون)

 

(هيمون) في مواجهة (كريون)

العقيد بن دحو



علمتنا حضارة الدراما اليونانية في مجرى الزمن و التاريخ أن الروح الأبية من تربت وترعرعت في كنف الوطنية , و مهما طغت العواطف على البصائر لا تجعلها تعمي الأبصار , بل يظل الوازع الأخلاقي فيهم حيّا يبغث فيهم روح المقامة , حتى ان كان الطرف الأخر اقرب الناس اليهم ودا وحبا.

 علمتنا التراجيديا الإغريقية أو / المأساة اليونانية , ولا سيما على صعيد ( العٌقد) أو الأساطير , ولا سيما الدراما الكونية , والروح الجماعية (أونتجون) أو تسمى (أونتجونا) , أين يلتقي الوالد وما ولد على خط تماس درامي واحد , وعلى طرفي نقيض , أين يلتقي الإبن ( هيمون) مع والده (كريون) في مواجهة واحدة , ففي حين كان يسعى الأب ( كريون) الى السلطة و التثبت بالسلطة بأي طريقة كانت , حتى أن قضى وحكم على ابنة أخيه وخطب ابنه (أونتجون) بالإعدام. أن تٌزف الى ( هيديز) مملكة الأموات , تحت الأرض , لا يؤوب منه مسافر , يعارض الإبن (هيمون) خطو أباه , و لأن السيف احيانا أسبق من العدل , تظل لغة وسيف الكلام قائما و حادا ومواجها قويا و صلبا.

- ان الدولة لم تخلق لرجل واحد

- على من تحكم اذا كان البلد فارغا

- سأتركك نهبا لأصدقائك الذين يتملقونك.

 كلها كلمات نذر  , شؤم , تشير الى أن هيمون لن يبقى مكتوف الأيدي جراء ما أقترف في حق ابنة عمه وخطبه أونتجون.

 ولما كان القضاء و القدر سيفا مسلطا على المشهد عامة و على الدراما و التراجيديا من بدايتها  رفع الستارة الى اسدال الستارة - هذا ان كان المسرح اليوناني الكلاسيكي قد عرف وشهد الستارة - انما جوقة / أو كورس انشادي حائلا بين مشهد و مشهد.

 فمنذ الكلمة الأولى لأونتحون : " أيتها العزيزة " اسمينا"......... الى غاية اخر كلمة لرئيس الجوقة : "....لكنهم لا يتعلمون إلا بعد فوات الوقت وتقدم السن

ينبئ عن حزن عميق وجلل.

صحيح هيمون لم يواجه والده كريون بالسيف , لكن بلغه بكل ما كان يريده قوله اليه حتى ان كان والده في مرتبة ومنزلة ملكا لا يرد له كلام.

 و كأن الولد اصبح يعرف النهاية الحتمية لوالده , ولذا في غفلة من والده تسلل في عجالة الى هيذيز , حيث وجدا الأثنين معا متعانقين و قد قضيا في ضربة حب واحدة ,  زفا عريسين الى مملكة الأموات , ولكن أن تتخيلوا المشهد المأساتي الدرامي التراجيدي.

 صراع الأباء مع الأبناء قديم قدم التاريخ بل ما قبل التاريخ , يعني لا بد أن تستمر الحياة , ولا بد من التداول على السلطة , على اعتبار السلطة عند الإغريق (كنز) / le pouvoir c'est un trèsor أو كما يقول الفرنسون.

 و لأن  ليس وحده التاريخ يعيد نفسه , و انما ايضا الأحداث , و الشخصيات.

 فلنا في مسرحسة الوطنية الخالدة ( لفرانسوا كوبيه) شبيها لمسرحية أونتجونا حدثا و اشخاصا حتى ان اختلف بينهما الزمان و المكان.

- فصورة كريون يقابلها شخصية (برانكومير)

- شخصية تكمسا يقابلها ( بازليد).

- هيمون يقابلها ( قسطنطين)

- أونتجون يقابلها ( مبتزا) .

....................................

..........................الخ من الشخصيات الثانوية التي لا تفقد للود قضية , مادامت الدراما عند الإغريق قضية ’ قوانين وعدالة و حكم , ومعالجات اكلينيكية سيكولوجية اجتماعية , ناهيد عن تلك الخلفيات و المرجعيات الثقافية التي لا تنضب , و التي لا يمكن لأي مثقف اليوم الإستغناء من تعلمها مجددا , وقراءتها قرادة حديثة وما بعد الحداثة.

بالأخير اليكم هذا الحوار الشيق بين الوالد و الولد :

- هيمون : ليس هذا ما يقوله أهل (ثيبة)

-كريون : ألأهل ثيبة أن يملوا علي ما أصدر من أمر ؟

- هيمون :  لا تنس بعرشك حديث العهد.

- كريون : أي الناس غيري يستطيع أن يملك في هذه المدينة ؟

- هيمون :  ولكن الدولة لم تخلق لرجل واحد.

- كريون : أليست الدولة لمن يحكم ؟

-  هيمون : هذا حسن , و لكن البلد اذا كان خاليا مقفرا , فعلى من تحكم ؟

- كريون : أرى أنه يجاهد قي سبيل امرأة

- هيمون : أن اعجبك أن تكون امرأة ؟ فإني انما أجاهد في سبيل منفعتك.

- كريون : شقي ! أتجرؤ على أن تتهم أباك ؟

- هيمون :  حين أراه يشرف الظلم

- كريون : ـمن تاظام أن احفظ بحقي؟

-هيمزن : ان من سوء الإحتفاظ بالحق أن توطلأ الأقدام قوانين  الألهة

- كريون : أي خائن ! يصلح لأن تحكمه امرأة !

- هيمون : لن تراني على الأقل و قد قهرتني شهوة مخجلة.

- كريون : لا تتكلم إلا دفاعا عنها...........

.....الخ

 ما اعظمه حوار تراجيدي يحرم منه اليوم العديد من تلاميذتنا وطلبتنا , بالمدارس و الجامعات و المعاهد , وهو سنويا يتخرجون دون أن يتلقوا شيئا من هذا العلم قبل أن يكون أدبا دراميا , يحاكي واقعا مرا , تعاني منه جميع السلطات العربية من الماء الى الماء , و من المحيط الى الخليج , ولتموت سنويا مئة أو نتجون بل ألف , ومئة هيمون , بل ألف مادام ( الحكم) و ( التملك) أهم من البشر و الحجر و الشجر , ومن سائر الأوطان و الأزمان و الأكوان .

تعلموا ( الكلاسيكيات ) يا عرب فإنها  تعلموا المروءة و تثبت العقل , وكل شيئ ينتهي الى الضيق بذات نفسه ان لم تلحقه نفائس الأدب و العلوم الأمم الأخرى.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *