جنان الحسن
مثل بائع البالونات أنا ..
مثل بائع البالونات أنا ..
أمدّ يدي ببعض الضوء ..
أمسح وجه الصباح بضحكة ..
ألمّلمُ رماد الليّل بأصوات العنادل ..
وأسقي ذاكرتي فنجان قهوة محلى بالكثير
من الوجوه والأسماء ..
وابتسم ..
هل سألتم يوما بائع البالونات ماذا يبيع ؟
وبماذا يملأ بالوناته تلك ؟
أيبيع من جيوب الوقت مزق الفرح للطفولة الداشرة على الطرقات .. !!
أو بعض من سكاكر الضحك ؟
تلك الطفولة الّتي شاخت قبل أوانها ..
الطفولة التي شظّتها مآسي العصر
أيملك ذلك الترف هو حقا
ترف الفرح .. !؟
بظهره المحدودب ومعطفه القديم وثقوب حذائه التي لاتكف عن
الصراخ ..
أشياؤه تلك التي لم يخجل الحزن منها يوما فيختبئ ..
أم هي بعض من أوجاعه الشاميّة المقدسيّة قد كَبُرت ..
فلوّنها وباعها للطفولة ..
علّها تحلّق بعيداً خارج السرب وتعود من جديد لتولد من بيّن
أصابعهم بلاد جديدة ..
وأحاديث وأمنيات يقتلون بها الضجر ..
هل أخْبَرَكم يوما عنهم ؟
هل حدثكم عن طلال وعن هند ..
عن رنا وعن جورج وعن ياسر وعبد الرحمن ..
الّذين كانوا يطاردونه ويتقافزون حوله عصر كلّ يوم مثل أقزام صغار
..
هل أخبركم عن شغبهم ..
عن شغفهم ..
عن دفئهم ..
عن أناقتهم الطفولية وعن ضحكاتهم الشقية ..
ياعم أريد الحمراء
أريد الصفراء ..
لا بل سأخذ أنا تلك الخضراء ياعم ..
هل أخبركم عنهم قبل أن تخونهم الحياة وتطبق أظافرها على دانتيل أحلامهم فتمزقها ..
وعلى أجنحتهم فتكسرها ..
هل تسائلتم يوما أين ذهب بائع البالونات اليوم .. ؟
بالله عليّكم أجيبوني لو عرفتم ..
لربما حيّنها نستطيع أن نعرف أين ذهب أطفالنا ومن سرق منهم بهجتهم
..
ربما هم اليوم هائمون على وجوههم في ذاكرة وطن ..
أو على متن غيمة مهاجرة صوب المجهول يرحلون ..
وربما هم في ظل خيمة يلعبون ..
أو تحت حجارة قبر ينامون ..
وربما سرقتهم لعبة بوبجي جديدة هم في خطواتها اليوم تائهين
وعالقين ..
تاركين ذلك العجوز يجوب الطرقات بحثا عنهم ..
كم هو كبير ذلك الوجع الذي صنع منا أجساد من وهم
ومن ورق ..
🦋
#شذرات_زنبق_