وداعا الشاعرة ( التبدبكلتية) (الأولفية) عائشة يلال
العقيد بن دحو
هده
المرة يا عائشة لم تستقبلي الضيوف كعادتك , ولم تضيفي ملحا لإبتسامتك المعهودة
التي كانت تشرح الصدور بمتوسطة الإمام مالك.
اليوم
يا عائشة أدركنا كعادات أولئنا لماذا كان الطاقم الإداري و التربوي يسلم لك مفاتيح
و أزارار القيادة كلما زار زائر , وكلما
أفتتح موسم الفرح.
اليوم أدركنا معنى الشعراء ملح هذه الخليقة و
مجانين سماويين , و لماذا كان كل شيئ بين يديك يتحول الى عسجد و لجين وزمرد و
نجاح.
كونك منذ البدء كنا نشعر بأنك تختلفين عنا
جميعا.
كم اصبحنا اليوم على هذه الصدمة , على هذا
الكابوس , و انت تختارين عروسة الى مثواك
الأخير , حور عين. كم كنت عائشة عزيوة بين الناس و كأنك كنت تعرفين هذا اليوم التي
انتقلت فيه الى السماء.
عائشة
لم تمهلين مهلة دقائق تفكير لنكرمك أرضيا , و أنت كنت على علم بأننا من بدو وحضر
لا نقدر بتتويجك بتاج ( العبرهريات).
على
حين غفة من أمرنا عرجت هكذا... ولم نستفق من هذه الدوخة إلا و نحن نتأكد من وفاتك
التي لا تحتاج الى تأكيد.
يا عائشة ورغم صغر سنك لم تكوني تقودين فرقتك
الموسيقية الى توشية كورس وجوقة الملائكية , بل كنت تمسكين بالحياة و تعيدين توزيعها الناس جميعا
حسب قاعدة الغناء و عدالة الصلاة.
عائشة
ومن حاضرة أولف ( تيديكلت) بولاية أدرار الجمهورية الجزائرية لم تشرفين بلدتك ولا
ولايتك و انما الجزائر , محليا ووطنيا وعربيا , و اسمعت صوت الجنوب النسوي , و
اخرجتينه الى حيث تختبئ مكامن الأذواق الفنية الزمكانية جميعها . بلسان عربي لا يشق له غبار , عرفت كيف تعطي معنى أخر للجغرافيا
و للتاريخ و للإنسان المحلي , للصحراء خارج مجال تغطية المواد الهيدركربونية التي
يطالها الزمن في أية لحظة. لقد منحتيهم طاقة الشعر نفي اللحظة , الإستثمار
بالإنسان حبن بتراجع النفط و يصير سراب.
سامخينا يا عائشة نحن ايضا لا نختلف عن اصحاب
المعالي , اصحاب الفوق , من أوكلت اليهم شفاعة و أمانة , وحراسة و حرص ابداعاتنا ,
إى بعد فوات الأوان و تقدم السن.......!.
أكيد
سوف يبعثون برسائل تعزية و تأبين , كل هذا
لا يكفي في مقام عائشة , لم تكن تشبه أحدا , كانت تختلف عنا جميعا , نحن الأرضيين
, كانت متذ البدء تشعر بأنها نورانية , أوكلت لها مهام حسن الإستقبال و أنزلت
الضيوف حتى ان لم يكونوا ضيوفها.
كم تحاملت على نفسك , و لم تحقدي على أحد رغم
التهميش المر , رغم انهم كانوا في كل مرة غصبا يبعدونك , كانوا في كل مرة يكرمون
ويجيزون من هم أقل منك منزلة ومرتية , كنت تتألمين وحدك , كونك كنت تعرفين مسبقا
ظلم الأقارب من الساحة الثقافية و الفنية أشد من
الحسام المهند.
لكن قابلتي الإساءة بورد يقطع حد الظلم.
ساحينا يا عائشة هذا قدرنا , وحسدناك في كل شيئ
و نحن رجال ومسؤولين , و أنت الشابة صاحبة الملكة الأصغر ينا منا , لم نكرمك ولو
بتلك الشهادات الكرتونية التي نخجل و نستحيي ان نمنحها لواحدة مثلك. و انت كل
الشهادات المستحقة !.
ان
مرّ الوقت عنكم و لم تكرموا عائشة ارضيا فعائشة لم تموت , كونها شاعرة , تكتب من
ذاكرة المستقبل من البعد الأخر , من بعد الوفاة , سارعوا لتكريم عائشة سماويا ,
قبل أن بلحقنا سأم وبؤس نكران الجميل لواحدة
افنت زهرة شبابها من أجل أن تسعدنا جميعا , وتركناها وحيدة تنزف حتى الأنفاس
الأخيرة كساديين نتلذذ بعذابات بعضنا بعضا.
أنا أعرف عائشة أن قلبك كبير أبيض كالثلج ,
ستعرفين كيف تسامحين وانت في دار الحق , تماما كما ساحتنا و نحن على باطل في دار
الباطل.
ارجو
ان تستفيق المتوسطة الإمام مالك و أن تسمي مكتبة المتوسطة بإسمها عاجلا و ليس آجلا
, و أنا اشهد أن طاقم الجماعات التربوية : ( ادارة - تربويين - مهنيين - أولياء)
فيهم من الشهامة و الكبرياء و الذكاء ما يقومون به أكثر من أجل ابنتهم عائشة ,
ابنتنا , ابنة ولاية أدرار , ابنة الجزائر , ابنة العرب.
ربنا يرحمك عائشة و قبل أن نعزي ذويها
البيولوجيين و التربويين و الإجتماعيين و الثقافيين نعزي انفسنا , نحن الذين لا نحسن إلا التباكي على متوفينا ,
بينما متوفينا الأحياء المؤجلين لا نعير لهم اهتمام , كالعجائز لا نشعر بحجم المأساة
و التراجيديا في حق أنفسنا إلا ّ بعد فوات الأوان و تقدم السن.