النقد ضرورة حياتية
حامد حبيب
!؛!؛!؛!؛!؛!؛! ؛!؛!؛!؛!؛!؛!؛!؛!
*لقد عدمنا جيلاً من النقّاد يقول الحق
،وعدمنا جيلاً من الشعراء والأدباءِ يقبل الحق..وصار الأمرُ على مايبدو فى العلاقة
بينهما مجرّد توطيد صداقات عن طريق المدح والمُلاينة أوالخشية من هجوم
لايستطيع الناقد
تحمُّله أو يُفقِدهُ صداقاته..
وبالتالى ،فأنَّ المجنى
عليه فى النهاية هو الأدب بكل فروعه.
وإنَّهُ لَجُبنٌ
وتخاذُل وسلبية يوطِّد لها النقّاد
الذين من المُفترَض
أنهم يحملون على عاتقهِم مسئولية تقييم المسار وتوجيهه،
فإنها ثقافةُ أُمّةٍ
وتراثُ المستقبل..فإن بقىَ
الأمرُ على ماهو من
تدليس ونفاق ،فاعلم
أنَّ الأُمّةَ
بكياناتِها الثقافية ستنهارُ حتماً،لأنَّ
الثقافةَ والأدب هما
أساس بناء هذه الأمة
ودعم مقوّماتها
الحضاريّة .
والشجاعةُ فى النقد على
أُسسٍ أصيلة بعيدة عن الأهواء والتعاطف وقلة الدراية
يدفع إلى تغييرٍ ونهضةٍ
حقيقية..أن نُقيِّم
المعروض،فنطرح الردئَ
ونُبقى على الجيد
ونُشجّعه،فما أرى الآن
إلا غربالاً مهترئاً
مُمَزّقَاً لايفصلُ
الردئَ من الجيّد..إذَن مالَهُ
من قيمةٍ تُحترَم.
ولقد صار النُّقَّاد
أنفسُهُم فى مواجهةٍ صعبة
مع الأُدَباء
والمُثقّفين،فلن يسلموا من الردح
والردود البذيئة
العصبية باعتبارِ أنهم معصومون من الخطأ ،وأنهم فيما يكتبون
قد وصلوا قمَّةَ الإبداع،ولايجوز لأحدٍ أن
يتناولهم بالحديث عن مثالبِهم وأخطائهِم.
إنَّ مايُعرَض على
صفحات "الفيس"وتلك الوسائط الحديثة ،وهو الأمرُ الميسورُ والمُتاحُ الآن
للتعرُّف على المُنتَج الأدبى العربى الحالى،يحتاجُ لمئاتٍ من النقّادِ الحقيقيين
لغربلة هذه الأعمالِ بحياديةٍ
شديدة،بتشجيع الجيد
وتسليط الضوء عليه
وإيقاف تلك المهزلة
التى لاتَمتّ للشعر بأى حالٍ من الأحوال.
موقف
الكثيرين:"دعهم ينشروا ..فما أعجبك أعجبَك،ومالم يُعجبْكَ فدَعهُ ولاتُعَلّق
عليه.
لقد صار لدينا آلاف
المنشورات مما يُدعى شعراً،تكتظُّ به تلك الصفحات ،وجميعُ التعليقات _بلا
استثناء_مديحٌ مُعتاد..هى
صداقات ومُجاملات..لكِن
أن يقف أحد النُقّاد ويُسكِت هؤلاء عن هذا الإسهال
ليعلموا أنَّ هناك من
يترصّدهم إذا حادوا عن الصواب وأصول الكتابة ،عندئذٍ سيخشى كل مَن حاولَ النشر
ويُفكّر ألف
مرّة،ويعكف على مراجعة
نفسه أولاً ،وأن يدرس أصول الكتابة قبل أن يتجرأ على النشر.
أعلم أنَّ النقّادَ
سيعانون الأمَرَّين فى البداية
..ولكن مع الاستمرار
،ستعود الشراع الضّالّة
إلى طريقها..فكُل من
طار بلا جناحٍ سيقَع...
وكثيرٌ من هؤلاءِ بلا
أجنحة.
الردود التى
تواجهنا:"نحن نحاول تشجيعهم
..هل تشجيعهم الدائم
ب(راقى_رائع_ولا أروع من ذلك....إلخ)هو تشجيعٌ أم إضلال..
اعلم أنّ مانُسمّيه
تشجيعاً هو عين الضلال
..هو عين العداء
له،لأنك تتركه يغرق وأنت
تعلم بذلك..كمَن
لايستطيع السباحةَ فتُصفّق له وتشجّعه وأنت تعلم أنه غير مؤهَّل للسباحة،وأنه يسبح
خطأ وليست له دراية
فلا مصير له سوى
الغرَق.
وعلى كل من يرى فى نفسه
_حقيقةً_
المقومات التى تؤهله
لتناول الأعمال نقداً
إن لم يستطع بلسانه أن
يكُفَّ عن التعليق تماماً عمّا هو دون المستوى،وإذا وُجِد من يستحق أن يشيد به
مبرّراً سبب الإشادة.
أعلم أن كُتّابَ القصة
أو الرواية أو المسرح
قليلون فى
الظهور،لطبيعة طول أعمالهم
والكتاب موطنهم...وعلى
النقّاد أن يتناولوها
بحيادية بعيداً عن
العلاقات الشخصية..لأنَّ النقدَ إذا صحَّ وصار رجُلاً توّاقاً للإصلاح
يتقدّمه ضميره إلى
الإصلاح،صلُحَ المجتمعُ كلُّه.
أمّا مانراهُ على
الصفحات من مليون شاعر..
كل مُن خطر على باله
أيّة كلمات يطرحها على أنها شعر،وترى أصدقاءه على "الجروب" أو على صفحته
"يُهيّسون" جُزافاً...إنها خرافاتٌ علينا التخلُّص منها...
فإنما الشعرُ فكرٌ يقود
أُمّة ويؤدّى رسالة،وله
قواعده وأصوله ،حتى ولو
كان نثراً..فإنّ فى النثر والسّرد مايحكى فكرةً ومضموناً
ويعالجُ قضيّة.
فإنَّ مانقرأه كثيراً
،قد أغضَّ الناسَ عن الإلتفات للشعر،لأن مايُنشر كثيراً ليس بشعر
وإنما هو الهزل ..وأرجو
أن يؤسَّسَ"جروب"
يُخَصَّص للنقد
فقط،يقوم عليه نُقّادٌ أحرارٌ
شُرَفاء لايخشون فى
نقدهم لومةَ لائم . ...
يطالعون مايُكتَب على
الصفحات أو يُرسَل إليهم لغربلة المعروض الشعرى،وإظهار الجيد منه وتشجيعه،وإسداء
النصيحة لمن يجتهد ،مع إظهار السلبيات والإيجابيات بحيادية وبُغية الحق،وإلقاء الأعمال الرديئة فى
النفايات أو تجاهلها.
أطمع أن أرى تلك الصفحة
النقدية المتخصصة(للنقد فقط)...رجال أكفّاء..مثقفون..يريدون صالح الأمة
ونهضتها...يذكرهم التاريخ بخير.
_____حكايةٌ فى ثمرات
النقد____
*كان(ابن سينا)جالساً
يوماً ما بين يدَى الأمير علاء الدولة،وأبو منصور الجبائى حاضر،فجرى فى اللغة
مسألة تكلّم الشيخ
فيها ،فقال الجبائى
لابن سينا :"إنك فيلسوف وحكيم،ولكن لم تقرأ من اللغة مايرضينا.."فتوفّر
ابن سينا على درس كتب اللغة ثلاث سنين،واستهدى كتباً فى اللغة،
حتى بلغَ فى اللغة
طبقةً قلّما يتفق مثلها،وأنشأ ثلاث قصائد ضمَّنها ألفاظاً غريبة من اللغة،وكتب
ثلاثة كُتُب،وصنّف
كتاباً فى اللغة
سمّاه(لسان العرب)لم يُصَنّف فى اللغة مثله.
*مجرّد أن أخذ الجبائي
عليه أنه لم يبلغ المبلغ الذى يرضيهم فى اللغة..كان هذا الالتفات مُحرّكاً
إيجابياً لابن سينا حتى بلغ مبلغاً فى اللغة أعجز الجبائي نفسّه وغيره من علماء
اللغة.
*هكذا النقد..يُحرّك
للأفضل ..هو فى صالح الأديب وليس ضدُّه.
تحياتى(حامد حبيب)_مصر
٤_٥_٢٠٢١م