أونتجونا و هيديز Hidis
العقيد بن دحو
يتفق النقاد ومعظم الدارسون للكلاسيكيات الإغريقية أن جمهور المآسي الإغريقية جمهور سعيد , فهو بالسليقة الفنية يعرف (أونتجون) - قد لا أتحدث عن الجمهور الجزائري الغارق في يومياته الإقتصادية - انما الجمهور العالمي ( الرأس كامل الإمتلاء في رأس كامل الإعداد ( الفن و الخبز معا).
انما الحديث المسكوت
عنه هو ( هيديز) المآل الأخير الذي آلت
اليه أونتجون أو أونتجونا !.
الجمهور المآسي
الإغريقية جمهور سعيد , فهو ساعة ما تذكر له أونتجون , ساعتئذ يكمل الجملة المفيدة
أو حتى الفقرة المفيدة : " تلك الفتاة الثورية الأغريقية أبنة (أوبديبوس) ,
تلك التي تبادلا أخويها بضربة أو طعنة سيف واحدة , وفي حين أمر عمها ( كريون)
الحاكم الناهي بدفن أخيها (ثيوكليس) التراب , بينما يٌترك أخاها الأخر ( بولينيس)
العراء نهبا لوحش سباع الطير , و أن لا تؤدى عليه الصلوات ةلا الطقوس الدينية.
لتقوم ثورة ( أونتجون) وتحاول أن تد-ن أخوها , ويقيض عليها , و تستمر
المحاكمة الى أخرها , و يحكم عليها بالإعدام تحت الأرض حتى الموت".
كان هذا ما يعرفه
الجمهور عن أونتجون القصة الدرامية الشيقة للكاتب الإغريقي ( صوفوكل) القرن الرابع
قبل الميلاد.
و لأن (أزنتجون) عولجت
أكثر من معالجات درامية , و أتخذت في مجرى التاريخ عدة لبوسات ولوغوسات قبل أن تصل
الينا بالكيفية الكمية التي عليها اليوم. بل كل شاعر حداثي و ما بعد الحداثي و على
مختلف المذاهب و المدارس الأدبية و الفنية اتخذت عدة صور و عدة اصوات , غير أن
أونتجونا كالأصيل الذي يعيد نفسه ظلت تعيد نفسها
كالماء الذي يشكل أسطورة عنصره , الماء من خيث هو الماء , و أونتجون من حيث
هي أو نتجون , كسائر ( العٌقد) أو الأساطير نفس جماعية , وحديث بألف صوت , المعادل
التاريخي و الشبيه للتاريخ لمن لا حضارة له و لمن لا تاريخ له.
كانت هذه أونتجون / أو
أونتجونا التي من المفروض أن كل الجماهير تعرفها ...........!
.
لكن الحدث احيانا ليس
هو الحدث , و لا الأثر الذي يخلفه الحدث , تماما
كأن البطل ليس هو البطل ( أونتجون) و لكن مختلف الأحداث و الشخوص و الأمكنة
التي جعلته أن يكون بطلا.
(هيديز) قبو أو مكان
تحت الأرض : العالم السفلي أو مملكة الأموات , و يسمى ايضا بلوتو.
لقد جاء بدوره على أكثر
من صيغة و صفة , و لعل زعيمي ( النازية) و ( الفاشبة) , هتلر أتخذ سراديب و دهاليز و ودياجير , و أمكنة
مظلمة تحت الأرض , يعذب فيها الأسرى و الجنود الذين يقبض عليهم , وكل من دخله لا
يخرج منه سالما.
كما جاء (هيديز) في
مسرحية (ارستوفانز) الكوميدية ( الضقادع) النقدية التهكمية , التي حاول فيها
الشاعر الكوميدي / الملهاتي أن يوجه نقده اللاذع للتراجيديا الأغريقية ولا سيما
شعرائها الثلاث ( صوفوكل - يوريوبيدز - اسخيلوس) . صورها الشاعر الدرامي الكوميدي
مدينة بأكملها من العذاب جوقتها الشرق مجموعة من الضفادع , أين يتلقى المعذبون تحت
الأرض ( الهيديزيون) سرير ( بروكست) أن
يوضع الموتى على هذا السرير و كلما زاد طوله قٌصت طرفاه حتى يحصل الجميع على مقاس
واحد.
لذا لا غرو ان سمى زعيم
النازية غرف تعذيبه بهيديز إله الموتى و التعذيب.
كان لزوما علينا احيانا
ان نبحث عن شخصيات ثانوية التي كانت السبب المعين لظهور البطل.
وكما في أزديب ملكا ظهر
( تريسياس) الكاهن الأعمى , و لأن الضد بالضد بفهم , و الحديد بالحديد يصلح , فلا يمكن فهم الفعل الدرامي إلا بنقيضه , ولا
يمكن اكما النص الدرامي (أونتجون) إلا بمعنى (هيديز) و منحه معناه الحديث اللغوي و
الأصطلاحي و الفيلولوجي.