جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
أبو المعالي الظاهريكتاب التطريزمكتبة

التطريز على مُثلَّثة ابن دُريد ..03

 

التطريز على مُثلَّثة ابن دُريد ..03

أبو المعالي الظاهري

 


مَنْ أَمِنَ الدَّهْرَ أُتِيْ مِنْ مَأْمَنِهْ

لا تَسْتَثِرْ ذا لِبَدٍ مِنْ مَكْمَنِهْ

وكُلُّ شَيْءٍ يُبْتَغىٰ في مَعْدِنِهْ

الشرح :

* المفردات : 

- الدهر : يراد به المدة من الزمن قال الأزهري [  والدهر عند العرب يطلق على الزمان، وعلى الفصل من فصول السنة وأقلّ من ذلك، ويقع على مدّة الدنيا كلّها..]

- ذا لبدِِ : ذو اللِّبَد: الأسد، واللِّبَد: ج اللِّبْدة؛ وهي الشَّعر المتراكب بين كتفيه. واستثارتُه من مكمنه: تهييجُه من عرينه. 

- من معدنه : مَعْدِنُ الشيء: مكانُه وأصلُه.

المعاني :

* هذه الدنيا لا يدوم لها حال ، وللزمان مسرّات وأحزان ، والدهر دولاب سريعُ الانقلاب ، والأيامُ دول ، والدول إلى زوال ،  وقلبُ المرء يتقلبُ تقلبَ القوافي على ألسنة الشعراء .. لذلك لا ينبغي للعاقل الذي يدرك هذه الحقائق التي هي هي في حكم البدهيات أن يغفلَ عنها ، بل ينبغي عليه أن يضع نصبَ عينه أنَّ الزمنَ بما فيه ، والدهرَ بما لديه ، كالأرض المسبعة التي يسير فيها العاقل بكل ما أوتيه من فطنة وحذر ، لئلا تفجأه الأزمان بما يفزع عن القلب الأمان ، وأن يحفظَ القاعدةَ التي يسيرُ عليه العقلاء في عيشهم في دهرهم وهي أن لا يأمنوا الدهرَ أمانا مطلقا لأنَّ من مأمنه يؤتى الحذر ، فكم من دولةِِ بعد عز سقطت ، و شمس عز بعدَ دهر أفلت ، وكم من ملوك جاروا فاغتالهم الطغيان ، وآخرين عدلوا فماتوا كما مات كل من لبس التيجان ، وكم من غني بعد غروره بماله افتقر ، وكم من فقير بعد الإملاق اغتنى وانتَقر ، وكم من جاهل صار عالما ، وكم من عالمِِ صارَ بعلمه للعلم ظالِما .. فلا تأمنن  الدهرَ لأن أمنَه يفضي لا محالةَ إلا الخوف وكما قالَ أبو جعفر المصحفي بعد نكبته :

لا تأمنّن من الزمان تقلّبا .. إنَّ الزمان بأهلهِ يتقلَّبُ

* والعاقلُ الفطنُ الذي لا يأمنُ الزمن وتقلباته لا ينبغي له أن يُفرّط بنفسه فيوردها المهالك اتكالا على ما عنده من أسباب ، ويواجه الخطوبَ وهو ليس لها أهلا كما يفعل الأحمق الذي يستثير الليث وهو رابض فكأنه يدعوه للفتك به ويستعجل به منيتَه .. وهذا من الفقه الذي يحتاجه السائرُ في طريق العلم والدعوة .. أنْ لا يستنفر العدوات والأحقاد القاطعة عن طريق القصد الموصل إلى عبادة الله ونشر العلم ، ولا يواجهَ ما لا قبلَ له به وليسَ له إلا نفسه وقرطاسه وأقلامُه .. فإنَّ هذا كله خلافُ العقل والنظر ..

* فإذا قدر العاقل كلَّ موضع رِجلِِ ، وأعطى لكلِِ حقِِّ نصيبا مفروضا  ابتغى قصده من معدنه ، وتعلّق بالأصولِ لا بالذيول ، وتهمم بالمعادن لا بالتراب العالقِ بالخطوات ، فيطلبُ العلمَ على طريقته عند النبلاء ، ويعمل على مقتضى ذلك على طريقة العلماء ، ويدعو على في سبيل الله على سبيل الحكماء ، ويخالط الخلق بالحق مخالطةَ الفقهاء ، ويسلك إلى الله مسلكَ العبّاد النسّاك الفقراء .. وهكذا يرجع كل أمر إلى أصله ونصابه ، وبتغى كل قصد من أصله وبابه ..

يتبع ..


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *