عقدة الدونية
هادي زاهر
• ومع شعوره بالذل
الخفي يتصدى لك (تعتوعًا) فيما لو تذمرت من جور معين بالقول: روح عيش في غزة او
رام الله إلخ...
• إذا اعتقد البعض
بان هذه الأرض دولة للشعب اليهودي نقول: اتركوا أنتم البلاد ولا تطلبوا من غيركم ذلك.
عقدة الدونية هي شعور الانسان
بالنقص، وهي منتشرة في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة، سنتطرق إلى بعض هذه الأسباب
وندرج نماذج تدل على توغل هذه العقدة في نفوس الكثير دون ان يدري بهم المجتمع ودون
ان يدري المصاب نفسه، تترجم العقدة بعدة ممارسات، سنُظهر أولا اهم أسبابها وهو
الفشل الذي يكون أحيانا متلاحقًا لشخص ما حاول ان يصل مثلًا إلى منصب معين في بلده
ففشل، ثم حاول ان يحصل على منصب رفيع في نطاق الدولة ففشل، ثم حاول ان يطرق باب
الادب او الفن ففشل فشلا ذريعًا، وكما يقول المثل الشعبي "هوايتين في الراس
بوّجعوا" ومثل هذا الشخص تجده في عدة ميادين يتدخل في الكثير من الامور في
محاولة منه للتعويض عن هذا الشعور، يبذل مجهودًا مبالغًا فيه لإيحاء الأشخاص
المحيطين به بأنه شخص يمكن الاعتماد عليه ولكن في واقع الأمر فهو حتى إن قام ببذل
ذلك المجهود ستجده يعاني من أخطاء كثيرة تتكرر مما يدخله في حالة من النزق الشديد
والتوتر، الامر الذي يدفعه إلى معاداة ممن
حوله إذا اختلف معهم بالرأي حتى لو كانوا من الاصدقاء وإلى الانتقاص من الأخرين
الذين قد يكونون أكثر فاعلية وتأثيراً من شخصه لعدة عوامل يفتقدها، وإزاء كل هذا
الفشل قد يلجئ إلى التدين على امل ان يوقفه الله في مساعيه؟!
والان أين نحن من هذه
العقدة، اعتقد بان يحضر في اذهاننا اشخاص من هذه " الماركة" قد يلجأ من
يعاني من هذه العقدة إلى جسم يعتقد انه قوي، وهنا في واقعنا العيني، قد يلجأ للعمل
في اذرعه الامن لكسب مصدر رزقه، ينسجم مع عمله اقصى درجات الانسجام، بحيث يعتقد بانه
عليه أن لا يتنفس خارج هذا الإطار لأنه لا يجوز ان يبصق في الصحن الذي أكل منه حتى
لو هضمت المؤسسة حققه وحق واهله، وبدلا من ان ينتفض يجد المبررات لتخاذله وذلك من
خلال المقارنات بين الحياة هنا، والحياة في الدول النامية او الدول التي تعاني من
الحروب لتكون النتيجة بان الحياة هنا افضل من الحياة في تلك الدول، ومع شعوره
بالذل الخفي يتصدى لك فيما لو تذمرت من جور معين بالقول: روح عيش في غزة او رام
الله إلخ... احد القرّاء كتب لي: "انت كثير عليك اثيوبيا"؟!! يا سلام
انتبهوا إلى غباء وتوجه مثل هذا (التعتوع) الذي تطبع على مثل هذا النمط الذليل،
وهو يدري بان مجيء هؤلاء سيكون على حسابه على المستوى المتوسط والبعيد وربما
الحاضر، وهنا نقول إذا اعتقد أي تعتوع بان هذه الدولة للشعب اليهودي اتركها انت
ا
لبلاد ولا تطلب من غيرك تركها، طلب حق ام لا؟؟
طبعا يقول لك ذلك
بعصبية بالغة وقد وصل ببعض هؤلاء الحد جراء العقدة المشار إليها، إلى جانب وخضوعهم
لعملية غسل الدماغ إلى الاعتقاد بان هذه الدولة لا تخصهم وانها دولة الشعب اليهودي
وكأنهم يعيشون على ارض ابائهم واجدادهم بمنة من السلطات وليس بمنة من الله،
والطامة الكبرى بانك عندما تطالب بحقك وحتى حقهم المهضوم يعودون ويدلقون سخافاتهم
يطالبونك بالخروج من بلادك، وهم يعتقدون بان السلطات تحميهم من الغول الوهمي الذي
يتربص بهم وبأنهم بدون هذا السلطات سوف يفترسهم الغول الغير موجود اساسًا سوى في
عقولهم المشوشة، وإذا عدت إلى طرح وجهة نظرك المناقضة لوجهة نظرهم بكبرياء تراهم
يشنون عليك هجوما صاعقا خاصة إذا شمخت بأصلك وانتمائك القومي ذلك لانهم ربطوا
حياتهم بأجهزة السلطة طنا منهم انهم إذا
تخلوا من هذه التبعية سوف لا يستطيعون تدبير شؤون حياتهم؟! وهنا نقول لهؤلاء
اجتهدوا وجربوا لتتذوقوا لذة الشعور الروحي بالنجاح بعد ان وصلتم إليه بعصامية،
واعلموا بان ومن يعاني من العقدة قابل للشفاء إذا استدرك في الوقت الصحيح وعمل على
تعزيز ثقته بنفسه، اما إذا توغلت فيه ونصهر على هذا النمط سيذوب كليا في الاخر
ويرطن بلغته.
وحالة أخرى يصاب بها
البعض ممن يعاني من العقدة خاصة إذا تولى مركزًا مرموقًا نتيجة انسيابه مع أجهزة
السلطة وقدمت له عملا يشعر بقرارة نفسه ان هذه الوظيفة كبيرة عليه، هنا سيحارب
بيديه ورجليه واسنانه دفاعا عن السلطة، ومنهم من تختلط عليه المشاعر حيث يشعر
بالكبرياء بين اهله، ولكنه يشعر بتفوق الاخر عليه خارج بلده ، قد تقوده هذه الحالة
أحيانا، إلى الشوزفرينيا (الانفصام في الشخصية) وحالة ثالثة أحيانا يدرك ممن نشير
إليهم بانه ليس على حق ولكنه يحاربك خوفا على الامتيازات التي حصل عليها وقد يهمس
بأذنك: "يا اخي الحق معك بس بدنا نعيش"!
السؤال: لماذا يرافقهم
الشعور بان الاخر اليهودي يعلو عليهم وعلى ماذا يدلك ذلك؟ ولماذا الاستسلام للطرح
الذي يقول بان ارضك ليست لك وانما هي ارض الشعب اليهودي، ولماذا ليس العكس تماما،
ان الأرض لمن ولد فيها وليس لمن جاءها غازيا، اما إذا لازمتكم العقدة فأصمتوا ولا
تتمادوا على من يعمل في سبيل حقوق وكرامة أهلنا على امل ان تتخلصوا من العقدة ومن
التبعية كليا، ولنعيش في وطننا بإباء ومحبة وعصامية. وأخيرا نقول يجب ان نتصرف بوحي مما تشير لنا
به البوصلة، حيث يطرح السؤال: ما هو مستقبل من نأتي بهم إلى الحياة في ظل الحكومات
الإسرائيلية التي تزداد فاشية يوما بعد يوم؟