جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
عبود الجابري

فراغٌ بين فاصلتين

 

عبود الجابري

فراغٌ بين فاصلتين

*****


******

يكفي أن تحرّك يدك في الشمس

لتلمع ساعتك العاطلةُ على جدارٍ قريب

يكفي أن تغمض عينيك

لتنساب على خدّيك دمعتان

يكفي أن تنام لتسافر إلى بلدانٍ لم ترَها

يكفي أن تمشّط لحيتك  لتعرف شكل الفضّة في المرايا

يكفي أن تحاول عبور الشارع

لتكتشف كم أنتَ واهنٌ تحنو على خطواتك كوابحُ العربات

، فاعبرْ على مهلٍ

وتخيّل صخَب الشارع موسيقى

تخيّل كل شيء قصائد ميتةً، لابدَّ لها أن تنبعث من رماد الّلغة

إنّها اللحظة المناسبة لنسيان ما لم تستطع نسيانه :

  العريف الذي ملأَ فمكَ بالتراب

 الرسائل التي احترقتْ في ذاكرة البريد

 والكراسي التي تنظر إليك بريبةٍ كلّما بقيت وحيداً على الأرصفة

*****

لم يتغيَّر في العاشقين

ما يمكنُ الحديث عنه بغرابةٍ

سوى أنّهم  وجدوا الطرقَ سالكةً كي يلتقوا

وربَّما كي يسرقوا القبلات من بعضهم

حين يديرُ العالم وجهه  إلى جهةٍ أخرى في ساعات الظلام

لم يتغيّر قاموس الحب

فالهجر

أن تشاهد مسلسلاً حزينا

من ثلاثين حلقة

ولا تعرف أين انتهت الرواية

والشوق

أن يكون لدى حبيبتك دراجة نارية

بينما تقطع المسافة إليها

بين البيت والمقهى

سيراً على لحظات شرودك

واللقاء

ليس سوى أن يحتكّ جسدك

بجسدها

عندما تكون وجهةُ أحدكما

عكس وجهة الآخر

لا بأس إذن أنْ يكون الطريق ضيّقاً

لا بأس بتكاثر العابرين

لا بأس أن يكون قماش الملابس

خفيفاً يشفُ عمّا تحته ويشي بانتفاضة الثمار

لا بأس كذلك بمعاودة الكرّة

حين يتّسع الطريق الضيّق

وتصحو المصابيح من نومها

*****

لسنا حواريّين

لكنَّ اللّغة بعضٌ من شؤوننا

فرشْنا حصيراً في قلبها وتمدّدنا

ثمّ سألنا عن الكلام المبين في أغنية الجياع

، حسبناهم أنبياء

غير أنّهم أنكروا بخاراً تطاير من الحروف الساخنة

، وغطّوا بعباءاتهم  نوافذ تسكن مطلع الشمس

 لم يكن للشّمس أختٌ

لنسألها عمّن علّقوا أسماءنا على حبال نهاراتهم

وانتظروا قربَها كي تجفّ

وحين سقطنا بعد عمرٍ من الفحم

عرفنا عن مكوثنا طويلا

في خزائن حطّابين كانوا يحملوننا كما لو كنّا خرَزاً مقدّساً

وكنّا نتساءل عن سرِّ مهابةٍ  يسبغونها علينا

لكنّ أحداً منهم لم يتطوَّع ليخبرنا

بما اعتبروه ذهب أسرارهم

وعرفْنا مصادفةً أنّنا أوغلنا عميقاً في اليباس

وذلك يعني أنّنا لابدّ أن نشتعلَ سريعاً

*****

كان النّهار صوتكِ طالعاً كالضوء من حنجرةِ الشمس، وكانت أقسى صفاتِ المشتبهِ به هروبه أمام ظلّه، وأغربُ من ذلك يقينُه بأنّه بلا ظلّ، رجلٌ يتحاشى حنوَّ الشّمس ويسير في طيّات شوارع ضيّقةٍ يخنقُها دخان إطارات يحرقها كلّ صباح، قبلَ أنْ يهتف بسقوط الظّلال، وكمن يرسم صورةً شخصيةً لعزيزٍ غائب أتذكّرُ جدل الوردة مع يدي المرتجفة، أتذكَّرُ أمراء الجوع حين يلتفّون  حول مائدتي العارية، ويلقون بتيجانهم  عند أوّل شجرةٍ زرعتُها في حديقة البيت، وكما ينبغي لرجلٍ عابس كنت أمازحكِ بالهروب إلى معسكر الشموع كي ألهو مع أقراني من الجنود الهاربين،  وأشعل شمعةً ضامرة لا يراها سواي وأقول لها : انتظري لعلَّ هذا الاسمَ يليقُ بك حين تكبرين، وها أنذا أطلق عليها اسمكِ وأرسمكِ كما أرسم صورة شخصية لحبيب غائبٍ يمثل ضاحكاً كلّ صباحٍ  في قلبِ الشمس.

 عبود الجابري

عمّان

تموز 2021


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *