هيثم الأمين
قصيدة مسروقة
لا أصلح أن أكون شاعرا؛
فالشّعراء،
كما الفزّاعات،
يجيدون الوقوف في حقول المجاز
حتّى لا تسرق طيور الصمت الثرثرة من سنابل
القصيدة
و أنا.. رجل لا يجيد الوقوف
على قلم واحد !
الشّعراء يحبّون اللّيل
و يتسكّعون في الحانات و في النّساء
و في الصّباح،
يذهبون إلى الحياة برؤوس ثقيلة
و بقلوب خفيفة كريش الحمامْ
و أنا.. لا أملك ليلا واحدا لأتسكّع فيه
لأنّي أنام، دائما، كلّما قبّلتني كأسي الثّالثة
و قبيلة النّساء التي أحبّها؛
في أقصى المسافة،
لا شرفة لصدرها أجلس فيها لأشرب قهوتي
و كلّ نوافذها معصوبة الزّجاج
و في الصّباح، لا أذهب إلى أيّ مكانْ !
لا أصلح أن أكون شاعرا؛
فالشّعراء يجيدون تقمّص دور المدينة
و يتقنون مهنة "ميناء"
و أنا
كلّما تَعَلّمْتُ رصيفا
أنسى
أبجديّة الأبواب
و لا أملك شهادة "سفينة"
لأمتهن مهنة "ميناء" !
الشّعراء
يحلمون، دائما، بالضّوءْ
و يرسمون مياهً صافية في مجرى النّهرْ
و أنا.. مازالت تطاردني العتمة، في كوابيسي
و كلّما ملأت مجرى النّهر بالماء
أغرقوني فيه
فيصير الماء بلون جثّتي !
أنا...
لا أصلح أن أكون شاعرا؛
فالشعراء يكبرون كما الأشجار
و أنا
كلّما حاولت أن أصير شجرة
حاصرني الخريف و الحطّابون...
الشّعراء يكتبون
بأصابعهم، بدمائهم
و بالأغاني التي سمعوها من العابرين
و أنا
ولدتُ بأصابع مشنوقة
و دمي.. رجل غريب لا يجيد لغتي
و العابرون
عبروني بكلّ صمتهم حتّى لا يثيروا ثرثرتي
الحزينة !
أنا لا أصلح أن أكون شاعرا
و هذه القصيدة وجدتها نائمة في جيب معطف رجل كان
يحلم أن يكون شاعرا
فنسبتها لي...