تمثلات الجملة الفعلية في مقطوعة "أصارع في رضاك" للشاعر "منصور الخضر "
بقلم الأستاذ الشاعر محمد نور إسلام
أولا: المقطوعة
تعودت الهزيمة من لماك
وخانتني العزيمة بالعراك
وتبدو حجتي من دون جدوى
وحجة قاتلي هزت شباكي
وأفشل حين أبدأ بالتحدي
فتأمرني الدوافع بالحراك
وترمي بالنبال لصيد
جندي
فويل للذي ينسى رضاك
أقاوم دون لقياك المآسي
وأخسر إن أعود ولا أراك
وما فوزي وربحي فيك إلا
كمالا ليس يعرفه سواك
فقومي قابلي قلبا تمنى
يبيت الليل ينعم في حماك
ثانيا: الدراسة
الجملة فعلية إذا ابتدأت بفعل و اسمية إن
تصدر الاسم الجملة و حسب ما يرى النحويون أن الجملة الفعلية تدل على التجدد و
الحدوث بينما الاسمية تعبر عن الثبوت.
و مما نلاحظ في مقطوعة " أصارع في
رضاك" للشاعر " "منصور عيسى الخضر" أن الجملة الفعلية أكثر
استعمالا و ورودا مقارنة بالجملة الإسمية؛
فقد وردت الجملة
الفعلية في أول عتبات النص ( العنوان)
" أصارع في
رضاك" كما تصدرت الجملة الفعلية مطلع المقطوعة في الصدر و أيضا في العجز حيث
يقول الشاعر:
(تعودت الهزيمة) من
لماك
( وخانتني العزيمة) بالعراك
كما نلاحظ بداية البيت
الثاني بجملة فعلية في قوله:
(وتبدو حجتي) من دون
جدوى
وحجة قاتلي هزت شباكي
و أيضا في البيت الذي
يعقبه استند الشاعر على الجملة الفعلية في الصدر و العجز حيث يقول:
(و أفشل حين أبدأ
بالتحدي)
(فتأمرني الدوافع) بالحراك
و البيت الذي يليه
استفتح الشاعر بجمل فعلية في قوله:
(وترمي بالنبال) لصيد
جندي
فويل للذي ينسى رضاك
و في البيت الخامس أيضا
يستهل الشاعر بالجملة الفعلية في الصدر و العجز و يظهر هذا في قوله:
(أقاوم دون لقياك
المآسي)
( وأخسر إن أعود ولا أراك)
و في البيت الأخير يختم
الشاعر مقطوعته ببيت بداية شطره الأول جملة فعلية و بداية شطره الثاني جملة فعلية:
(فقومي) قابلي قلبا
تمنى
(
يبيت الليل )ينعم في حماك
لقد تنوعت الجمل الفعلية بين ماضية تسرد لنا
ما كان من صراع و عراك انفعالي في الماضي مثل ( خانتني) و مضارعة ترصد لنا الحالة
الآنية لصراع الشاعر مثل ( تبدو ، أفشل ، تأمرني، ترمي، أقاوم، أخسر) و جمل أخرى
تضمنت الأمر الدال على المستقبل المرجو بنهاية زمن الصراع و بداية زمن مغاير لما
سبق و هو زمن مشرق بالرضى و القبول جسده
الشاعر في الجملة الفعلية ( قومي قابلي قلبا تمنى).
دل هذا التكرار للجملة الفعلية على ملمح
أسلوبي مهم في هذه المقطوعة فاستعمال الجملة الفعلية بمختلف أشكالها يدل على
الحالة العاطفية الصادقة للشاعر و الإنفعالية المتمثلة في الحنين و الشوق إلى
التجدد و التغير للأفضل و كلما تكررت الجملة الفعلية تكرر شعور الشاعر بذلك الحنين
و ذلك الشوق و هذا التكرار الشعوري يجسد تجذر ايمان الشاعر بأن الذي سيأتي ليس كالحاضر
و الماضي(زمن الصراع).
عموما و قد وُفِّقَ الشاعر في هذه
المقطوعة الملهمة في ابراز عواطفه الفياضة و مشاعره الجياشة و نلمس هذا في الشحنة
العاطفية الكامنة وراء استخدام الجمل الفعلية لما لها من دلالات تتلاءم مع الأحداث
و الوقائع الوجدانية عبر الزمن و التي تؤثر في المتلقي و تجذبه نحوها بعبقرية
تركيبية.