الإنسان بهجة
كريستيان بوبين
ترجمة عبد الوهاب الملوح
أن نكتب ,
يعني أن نرسم بابا على جدار
يصعب اجتيازه
ثم نفتحه .
لننطلق من
ذاك الأزرق إن شئت , لننطلق من هذا الأزرق
في صباح نيسان الندي , كان له
نعومة المخمل وبريق الدمعة .كم أود
لو أكتب لك رسالة لا يكون فيها
إلا الأزرق تكون شبيهة بذلك الورق
المطوي إلى أربع يلف الماسات
في حي صاغة الذهب بأنفرس أو روتردام , ورق أبيض مثل قميص زفاف وبداخله حبات ملح ملائكية كمثل
عقلة الإصبع , ماسات كما لو انها دموع
وليد .
تصّاعد أفكارنا في السماء كالدخان تعتمه .لم أفعل أي
شيء اليوم ولم أفكر في أي شيء . جاءت
السماء تأكل من يدي .هاهو المساء يهبط الآن
غير إنني لن أدع هذا اليوم يفلت
دون أن أهبك أجمل ما فيه . ترين العالم .
ترينه كما أراه أنا ؛ إنه ليس الا ساحة حرب .ثمَّت في كل مكان فرسان سود .قعقعة
السيوف في دواخل الأرواح .وليس لذلك أي أهمية
, مررت حذو بركة كانت مغطاة بفقاقيع
الماء- نعم هذا كان مُهِمًّا. إننا
نذبح كل نعومة الحياة ورغم ذلك تعود غزيرة
,وفيرة .ليس في الحرب أي غموض – غير ان
ذلك العصفور الذي لمحته يهرب تحت الحطب محلقا
بين الجذوع الملتصقة اذهلني .أحاول
أن اقول لك كلمة صغيرة جدا إلى درجة أنني
أخشى ان اجرحها وأنا أتفوه بها
لك . هناك فراشات بالكاد نلمس
أجنحتها لتتهشم ككأس . ينزلق العصفور بين الأشجار كما ينسرب خادم
بين أعمدة قصر . لايثير أي ضجيج .كان ببساطة مكسوا بالذهب مثل قصيدة .ها
أنا ذا اقترب مما أريد أن أقوله لك, من
هذا اللاشيء تقريبا الذي شاهدته اليوم والذي أشرعته لي كل أبواب الموت : هناك حياة
لا تنتهي أبدا , من المستحيل الإمساك بها .هي تفر قدامنا كما ذلك العصفور بين الأعمدة
ا لتي في
قلبنا .نادرا ما نكون في مستوى هذه الحياة .أما هي فهي غير مهتمة بالأمر .هي لا تكفُّ ولو لحظة
على إغراق المجرمين الذين هم نحن بحسناتها
.تزهر البركة تحت السماء والسماء تمشط شعرها أمام البركة .العصفور ذو الأجنحة
الرسولية يوقد الغابة .نجحت لأكون حيا من خلال بعض لحظات . أنا مقتنع بأن هذه
الرسالة سوف تبدولك مجنونة. وهي ليست كذلك .غير أن عزائمنا هي المجنونة. أريد التحدث هنا ببساطة
عما نسميه ’’ يوم جميل ’’ ’’ سماء زرقاء’’
.تشير هذه العبارات إلى لغز . سكين ضوء شفرتها الحادة تفتح لنا القلب .كنا
مدفونين تحت آلاف النجوم .وأحيانا نرى بعضنا , نحرِّك الرأس آه لبعض لحظات فقط .هذا ما ندعوه ’’ وقت جميل ’’ .
أتخيل أحدهم
يدخل الجنة دون أن يعرف إنها الجنة . لديه مخاوف . لديه مشاريع . هو مشغول جدا .
صرير معادن .قعقعة سيوف تلاحقه .كم هي مبتذلة .وبغتة ضوء ثلج ينزل على البركة
وعصفور بأجنحة ذهب يهدم اسوار العالم .إنه
لشيء ميؤوس منه .ألن تكفي لحظات قليلة للعيش إلى الأبد’’ نحن نحس ونحن نشعر إننا
خالدون ’’ لفكرة سبينزوا هذي نعومة صبي ينام في الكراسي الخلفية لسيارة .لديناأنا
وأنت ملك الشمس جالس على عرشه الأحمر في القاعة الكبرى لقلبنا .وأحيانا لبعض
لحظات ينزل هذاالملك انسان – البهجة عن عرشه ويخطو بعض خطوات في الشارع ليس ثمت ابسط من هذا . لا أحب إلا تلك
الكتب التي تكون صفحاتها منقوعة بالسماء
الزرقاء- هذا الازرق الذي هو دليل الموت .إذا كانت جملي تبتسم فذلك لأنها آتية من
الأسود .لقد أمضيت حياتي في مقاومة الكآبة المقنَّعة .تُكلِّفني ابتسامتي ثروة
.أزرق السماء هو كما لو ان قطعة ذهب وقعت من جيبك وحين اكتب أنما أعيدها إليك .هذا الأزرق المتوج
يُعبر عن النهاية المحتومة لليأس ويدفع
بالدموع إلى العينين .هل تفهمين ؟
فصل اول من
الإنسان بهجة كريستيان بوبين
ترجمة عبد الوهاب الملوح