...فوزية العلوي تونس
قهوة
ليس من عادتها تأجيل
القهوة
لكنها هذه المرة
طمعت في فنجان كبير من
الفضة
في حجم بركة او بحر
بنقوش ونمنمات آسرة
كلّما افعمته
شعّت الشموس على الجدران وفي الحواري
وانهمرت جداول
محمّلة بمراكب البن وقصب السكر
لذلك لم تشرب في فجرها
هذا
ظلت تحلم بشجرة بنّ
وبقوافل من الغرانيق
التي ستقطف الحب الأخضر كذاكرة النهر
وبالنسوة الحنطيّات
اللائي يحمل السّلال على رؤوسهن
والاطفال يحزمنهنّ
بمحارم الورد الأحمر
على ظهورهن
وكلّما جاع الصبية
توقّفن
ليلقمنهنّ أثداء هزيلة
النساء نحيفات كالمغازل
لا ليكنّ وجبة شعر
إيروسي جامح
بل لانّ الطريق طويل
والوزر ثقيل
سيقانهن دقيقة لا كالظباء
بل من فرط الوقوف
والمشي....
تظلّ تحلم بالفنجان
الكبير الذي يسع حلمها
لكنّها عندما تفكّربجهد الغرانيق في جني الحبّ
وبعرق النسوة وهنّ
يحمّصن القهوة في
الأفران الكبيرة
ووجوههنّ مشققة من
الملح
والصبية بانتظار اللّبن
والخبيز تخمّر هناك عند
التلة
ولا بد من يد طهوه
وذراع هزيلة تحرّك
الحطب
والبقرة تنتظر من يفكّ
قيدها لتسرح
والباب الموصد
ينتظر اليد المغموسة في التراب
كي تدفعه
والفرش الصوفية
تريد ان تبسط هناك عند الصخرة
والدجاجات الحمر تنتظر
من يشرف
على صيصانهن
تحجم عن تمنّي الفنجان
الفضيّ الكبير
الذي بحجم البحر
لانه سيكون مفعما
بالدمع والعرق
تكتفي بفنجان خزفي صغير
في حجم مقلة مسهّدة
تحلم بان يرضع طفلها
حتى يشبع .
...فوزية العلوي تونس