مرام رحمون
نعنع خاص
ككل النساء في مدينتنا
المرهقة ليلا، الملتهبة نهارا بصراخ الأطفال وأصوات الباعة، اُجيد خياطة الوقت،
أتركه فضفاضا لايشفّ عن وجع ولايصف ألماً..
أذكرُ أنّ للنعنع رائحة شهيّة تضيف للشاي نكهة محببة،
أيام كنّا نشربه معا في الشرفة المطلّة على شارع ضيق يكسو الشجر فيه نصف الضوء
فيكسره ،
ويخفي عنا وجوه العشاق
الذين يتواعدون سرا ليتبادلوا مكاتيب الغرام المعطّرة وقبلات مسروقة من العيون
للعيون .
نهمس بنصف الحرف فيخرج من شفاهنا نديا عذبا
كضحكة خجولة ..
قصصت مرّة فستانا للحب
، طرزته بالورد الربيعي، فصّلته على مقاس
عشقك تماما وعند الكتف اضفت له قطعة شيفون
(مزمومة )..
وجيب صغير تحت الخصر
لتخفي فيه أصابعك التي كانت تضمُّ خصري النحيل
..
أقسمتَ لي مرّة ..أنني
أشبه جنّيات أفكارك بخفة تسللهن إلى منامك، وأنني افوقهنّ بالخفّة لذا تسللت إلى قلبك من يمينه ليساره كما يفعل
قوس قزح بالسماء بعد مطر ناعم فلايمكن إخفاؤه..
أنا امرأة ذات سمعة قلب
طيبة كلّما هجرتها شعرت بالحنين لك مجددا، وجلست لتفصل لك ثوبا ضيقا على مقاس قلبك
الذي يتسع لكل نساء الأرض معها ...
فهلّا أتيت لتشرب الشاي
بالنعنع معي أنا فقط؟.
واحتسي قهوتك مع
حبيباتك في المقاهي !.
أعدك... لن أنزعج من
نفث دخانك في وجهي كما كنت دائما.
فقط تعال... لأنَّ شتلة
النعنع المزروعة في آنية الفخّار على الشرفة
كبرت كثيرا ..
ووجوه العشّاق في
الشارع تغيرت كثيراً ولم يعودوا يتبادلون مكاتيب الغرام..
استبدلوها برسائل
الكترونية ومشاعر باردة .
لاتأتي..
أكل الصدأ عجلات ماكينة
الخياطة، اهترأ المقص.. ولم اعد أُجيد ادخال الخيط في ثقب الإبرة.
مللت الخياطة، واكتفيت بمسح الغبار عن صورتك
المثبتة على الجدار ، كرهت الشاي وماتت شتلة النعنع .
#مرام
