كنزة تجيني
في مقهى الحي البعيد
في مقهى الحي البعيد
يدخن، يشتُم، يتناول أكواب من القهوة، يلعب الشطرنج.
شاب سيء.
في منزله يدمر الأشياء،
يحطم، يصرخ، يشتم أيضا إبن سيء شاب سيء،
في غرفته تتراكم
أسطوانات الموسيقى، أغنية صاخبة، صور هنا و هناك لمجانين يدخنون بشراهة و يعزفون
الغيتار بعنف، علب الأسبرين، علب سجائر ذات نوعية رديئة، يشتم.
شاب سيء
شاب سيء.
مع أصدقائه، يلعن
العالم، يلعنهم جميعًا يشتم أيضًا، يُحضِر
لهم قوائم لعناوين كتب، أفلام، موسيقى جيدة، سيئة، جالبة للإكتئاب سوداء تدعو
للإنتحار.
شاب سيء.
في رأسه،
فوضى
فوضى
فوضى
و شتات
"ما هي الحياة!
"
يقول كل صباح في طريقه
إلى العمل.
يستقل الحافلة، ملابسه غريبة،
شعره غير مرتب، عيناه متعبتان وجهه شاحب، جسده نحيل، ساقاه طويلتان.
" الحياة سيجارة
"
يقول هذا، يخرج سيجارة
من جيبه، يشعلها.
يصرخ فيه صاحب الحافلة
" أخرج من حافلتي
أيها اللعين، ألا ترى بأن التدخين ممنوع في الأماكن العامة "
ينزل من الحافلة و هو
يشتم صاحبها ناعتًا إياه " بالقذر ". يشتم معه الوطن و الأوضاع و البشر
و العالم.
يكمل طريقه سيرًا على
الأقدام و هو يقول : " على الأقل أنهيتُ سيجارتي ".
شاب سيء
شاب سيء
تخنُقه فكرة العيش
التنفس
و ممارسة الحياة
في قلبه..
لا يوجد شيء، لا يوجد
قلب
لا يوجد مشاعر
فقط جراح، ندوب
قمامة قذرة تحتوي على
أشخاص منسيين
كانوا في يومًا ما
أحبته.
قلبه
حيث لا إيمان
لا مكان لشيء ثابت
قلبه
حيث يتكاثر الشكّ
و ينبُت الخذلان.
و في قلبي
هو ثابت
غير مشتت
مناسب و حقيقي
لا يكذب بشأن معنى
الحياة
لا يقول لي الحياة
عادلة و ممتعة.
يقول :
" الحياة سيجارة،
تُنهيها فتُنهي حياتك
سيجارة إذا حاولت أن
تنهيها أنهتك..".
يقول :
" في العالم
نِعمتان
نِعمة الشّك و نِعمة
السجائر..".
يقول :
" إذا أردت العيش،
مُت ".
يقول :
" إذا خذلتك
الحياة
أشعِل سيجارة
و قل الحمد لله إكتسبت
مناعة ضد الخذلان ".
في الخارج
تَعُمُّ حوله الفوضى.
بداخلي أنا
الفوضى هو من يرتبها.
فوضاه ترتبني.
في قلبي
هو جميع أشيائي
المرتبة.
لا شتات حولي
لا فوضى
و لا عدم فهم
في وجوده.
