حكايات جِدِّي ..
——————————
مغامراته مع الأنبياء ،
وغرامياته مع الأميرة " ديانا " ..
.
كنتُ أظنهُ مجنوناً ،
أو مجذوباً من مجاذيب القرية ،
عندما يقتسم كل صباح ،
مع نخلةٍ وشاة ،
- دون ضجر -
الرضا والصبر ، ولترين
من الماء ..
أو أحد البهاليل ،
حين يُلَوِّحُ ب يديه
للسماء ،
مودعاً قبيل الغروب
الشمس ،
وهو يراقص النخيل ،
ويتبادل النكات مع الريح ..
كنتُ أظنه معتوهاً ، أو
فاقداً للأهلية ،
حين يداعب ب طائرةٍ
ورقية ،
أسراب الطيور ،
ويعدو
ب ساقٍ مبتورة ، خلف
سراب الماء ..
حين يجلس كعادتهِ كل
مساء ،
ليشربَ أمام البيت ،
مع النجوم
الشاي ،
ويدخن مع ضوء القمر ،
لفافتين من التبغ ..
ويتبادل مع عنزتِهِ
الصغيرة ،
وهما يمضغانِ القات ،
مخاوفَهُ
من تأخر زواج أختي
الكبيرة ،
أو سقوط المطر
هذا العام ..
كان يشبهُ الأراجوز ،
حين يلبس طرطورَهُ الأحمر ،
ويفتح صندوق
ذاكرته ،
ليقصَ علينا بعد صلاة
العشاء ،
بعض قصص
الأنبياء ،
أو إحدى حكاياته
الخرافية القديمة ،
التي كنا نضحك عليها في
صمت ،
خصوصاً
حين يخبرنا
- بعد أن يحتسي كأسين
من العرق -
أن يونس ،
قد دعاهُ ذات يوم ،
لقضاء ليلتين في بطن
الحوتِ بالمجان ،
وأن نوح
عليه السلام ،
قد استضافه لمدة
أسبوعين (فوول بورد) ،
في باخرة خمس
نجوم ،
لمشاهدة الطوفان على
الطبيعة ،
وزيارة المعالم
السياحية لجبل الجودي ..
كنا نضحك
في سرنا ،
بينما جدي لا يتوقف عن
الحَكي ،
إلا عندما تنتهي
جدتي ،
من تنظيف ساعتنا
الرملية من غبار الوقت ..
تلك الساعة العتيقة ،
التي يَدَّعي
دائماً ،
أن الأميرة "
ديانا " ،
قد أهدته له في أعياد
الميلاد ،
حين كان علي علاقة
غرامية بها أودت بحياتها ..
وأن جدتي
منذُ ذلك الحين ،
تشك في نسب أبي وعمي ،
والأمير هاري ..
أدركتُ حين كبرت ، أن
جدي لم يكن معتوهاً ،
أو مصاباً بالخَرَف ،
كان فقط ،
يحاول أن يرسم
على وجوهنا ابتسامة ،
تُنسِينا صراخَ الجوع /
فقدان الأم ..
...................................................
.
.
( حين كبرت ، أصبحت مثل
جدي ، أحكي قصصاً خرافية للأطفال ، عن رجلٍ خرق سفينة ليُغرِقَ أهلها ،
ويشتريها بثمنٍ بخس في
مزادٍ غير عَلَني ..
وآخر
قتل لاعباً ،
لأنه طالب في إحدى
المباريات بتغيير الحُكَّام ..
وثالث
أقام حول قصر الحكم ،
جداراً لا يريدُ أن ينقض ،
وحول المقصورة الرئيسية
، زجاجاً واقياً من الرصاص ،
أسواراً حديدية حول
الملعب ،
كي لا يصل إليه أحد من
المتفرجين ..
لكن لم تعجب قصصي
مأمور المركز ،
فاتهمني العمدة ب إثارة
الشغب في المدرجات ،
وإلقاء قصائد مثيرة
للفتنة ،
وأمر شيخ
الخفر ،
ب منعي من الكتابة ، أو حضور المباريات ) ..
محمدحبشي