¤ الذين عادوا إلى السماء ،
بلا أجنحة ..
.
.
1- أكرهُ المطارات ، التي استأصل منها المصممون ،
ك ورمٍ سرطاني ، شُرفةَ
توديعِ المُسافرين ..
واستبدلوها
ب حاجزٍ حديدي ،
بعرضِ الحزنِ ، وطولِ
الفشل ،
يفصلُ بين
الذين استطاعوا الفرارَ
من الوطن ،
ومن سقطوا
في شوارع المدينة ،
ومازالوا على قَيدِ المَوت ..
.
.
2- عندما عَبَرَت طفلتي / طفولتي
قضبان اليأس ،
تبخرت ،
اختفت ك دوائرِ
الدخان ،
تلاشت ك فراشةٍ ملونة ،
بين أضواء الضجيج ،
أعادها الخوف
من تلفيق التُهَم إلى
الشرنقة ،
و" هنري شاريير
"
إلى غرفة التفتيش ،
كي تضعَ على أحدِ
السيور ،
ما تحملُهُ من ذكريات ،
ليتأكدوا ،
أنها لا تُخفي في أحد
الأيام الماضية ،
مسدساً كاتماً
للصَوت ،
كانت تنوي إطلاقه على
رأسِ الزعيم ،
أو على قلبها المتعب ،
وعقلها المريض ..
ليتأكدوا ،
أنها لا تُخَبِّئُ في
إحدى الساعاتِ القديمة ،
جِرامَيْنِ من القبلاتِ
،
أو الهيروين ،
ب غرض التعاطي
عند الشعور بالوحدة ،
في ليالي الغربة الباردة ..
.
.
3- أكرهُ المطارات ، التي تهاجرُ منها بلا عَودة
الطيور ،
وتتركُ الأسرَى وحدهم ،
يعودون آخر الليل
إلى الزنازين ..
كلٌّ منهم ، يحملُ -
كأمِّ موسى - قلباً فارغاً ،
يرفرفُ
في الخواء
ب ذراعين مبتورَيْن ،
بعد أن تحولت جميع
الأذرع إلى أجنحة ،
ب أكُفٍّ ك البندولِ ،
لا تكفُّ عن توديعِ
المسافرين ..
تتأرجح
في الهواء
تُلوحُ لهم من بعيد
،
بما تبقى في الأصابعِ
من حنين ..
تُحلقُ فوقهم ك غيمة ،
على وَشَكِ
البُكَاء ..
تُلاحقُ بآخرِ حضنٍ
دافئ ،
ونظرةٍ ساخنة ،
قلباً زجاجياً
غير قابلٍ للكسر ،
يُطلُ من نافذةِ الغياب ..
.
.
4- أكرهُ المطارات ، التي تترسبُ فيها جبالُ
المِلح ،
في مَجرَى قنواتي
الدمعية ،
بعد أن اغتسلت
بأنهارِ الدموع ،
أرضيةُ المطارِ
الرخامية ، وأسفلتُ الطريق ..
وتحولت نظراتُ الفراقِ
في العيون ،
إلى طفلٍ
يتيم ،
يُمسكُ بذَيْلِ الطائرة
،
ك جلبابِ أمِّهِ ، وقتَ
الرحيل ..
.
.
5- أكرهُ المطارات ، التي أعودُ منها مُحَمَّلاً
بالوجوم ،
بوزنٍ زائد من الأسى
والذكريات ،
وحقائبِ الماضي الثقيلة
الفارغة ،
التي لم تستطع حَملَهَا
أرواحُ المسافرين ..
لارتفاع تكلفة
الرسوم ،
على كل كيلو جرام
من براءةِ الطفولة ،
وأحلامِ الشبابِ الضائعة ..
.
.
6- أكرهُ المطارات ، التي تدفعُ المصابينَ من
الفقراء ،
برِهَابِ أسعار
التذاكر ،
وفوبيا الأماكن المغلقة
، إلى الغرق ..
وأكرهُ المرافئ ،
التي لا تستقبلُ
الأحزان والأماني الهاربة ..
والحيتان ،
التي
تلتهمُ الأحلامَ في
عَرْضِ البحر ،
ثم لا ترفعُ
على شطآنِ البلاد رايةً
سوداء ،
أو تضعُ شارات
الحِدَاد ،
على سطح السفن الغارقة
..
وأكرهُ الأمواج ،
التي لا تثأرُ من
القراصنةِ وتجارِالرقيق ،
ولا تُصَلِّي على
أُسَرِ
الضحايا ،
والشهداء مواليد الغد ،
صلاةَ الغائب ..
محمد حبشي / مصر ..