جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

يوم الحساب

 من الأدب الساخر :

 نبيل عودة

وقف احد الملائكة ( كل طائفة تسمي ملاكا حسب ما يريحها) على باب السماء، يستقبل الناس الصالحين الوافدين إلى الجنة. فطلب الملاك من الشخص الواقف في الدور : عرف نفسك وأذكر أفعالك. فقال الرجل: أنا مسلم سني، فعلت الخير كل عمري، لم أفوت فريضة، ولم أرتكب ما يشعرني بتأنيب الضمير. كنت مثالا للإنسان الصالح ، والمنفذ لكل تعاليم الدين. فقال له الملاك بعد أن فحص أوراقه الثبوتية وسجله العدلي: تفضل ادخل واذهب إلى غرفة 168 ولا تلتفت إلى بقية الغرف في الطريق، رغم الضجة والصخب التي في داخلها. وهكذا دخل الرجل سعيدا إلى 168، وهو يكاد يطير من الفرح.

ثم جاء دور مسلم شيعي، فطلب منه الملاك، مثل سابقه، تعريف نفسه وذكر أفعاله. قال: أنا مسلم شيعي كنت مثالا لطيبة النفس، ولم أرد على ذمي من مخالفي عقيدتي ولم أؤذ أحدا في حياتي والتزمت بتعاليم الدين. فحص الملاك أوراقه الثبوتية، وملفه العدلي وقال له: اذهب إلى غرفة 270 ولا تلتفت إلى الغرف الأخرى حيث الصخب والضجيج. فدخل الرجل مليئا  بالسعادة، راكضا كالصاروخ إلى غرفة 270.

وهكذا قابل الملاك مختلف الناس من طوائف إسلامية عديدة. ثم جاء دور المسيحيين من كل الطوائف؛ لاتين واورتوذكس وكاثوليك وموارنة وأقباط وسريان ومعمدانيين وأتباع مختلف الفلق المسيحية. ثم شهود يهوه والماسونيين، ثم جاء دور البوذيين والمجوسيين، وبعدهم جاء دور الشيوعيين من مختلف فلقهم؛ ماويين وتروتسكيين وستالينيين وتقليديين وتيارات أخرى يصعب تذكرها. ثم جاء دور القوميين من تيارات مختلفة والشوفينيين على أشكالهم، وكان يرسل كل شخص إلى غرفة مختلفة، ويوصيه بعدم الالتفات إلى الضجيج والصخب في مئات الغرف الأخرى التي يتعالى فيها الصراخ والهتافات والغناء وضرب الطبول. بذلك تجاوز عدد الغرف مئات كثيرة لشدة الاختلاف وكثرة العقائد والتحزبات والجمعيات والألوان والأجناس. ثم جاء دور رجل يهودي، فكان هذا الحوار:

– من أنت؟

-أنا يهودي مؤمن وصالح، لم أفعل غير الحق، وتنفيذ أوامر الرب بقتل أعدائه فقط.

– اذهب إلى الغرفة 99ولا تلتفت إلى الغرف الأخرى رغم الصخب والضجيج فيها .

– ولماذا الصخب والضجيج ؟

– هذا ليس شأنك.

-ولكني ابن الجنة الآن، ولا بد أن أعرف ما يدور حولي.

– انتم اليهود دائما حشريون، لا تقنعون بما خصص  لكم.. اذهب إلى غرفة 99 وانتهى الأمر.

إلا أن اليهودي أصر بعناد أن يعرف مسألة الغرف الأخرى والضجيج، فقال:

لم أقرأ في التوراة أن في الجنة غرفا وصخبا وضجيجا . هذا أمر غريب لا بد من أن توضحه لي. هل من ملحق للتوراة لم يصلنا؟ غضب الملاك من عناده، ولكن القرار الرباني حسب التسجيلات في الحاسوب تشير انه من أهل الجنة. فقال له: انتم حشريون دائما، أصحابك اليهود من أتباع حاخامك في الغرفة 99،

والغرف الأخرى فيها أبناء طوائف أخرى، بل ويهود من أتباع حاخامات آخرين، وبالطبع أعضاء حركات وتنظيمات مختلفة.. وكل مجموعة في غرفتها، تظن أن لا أحد غيرهم في الجنة، لذلك يفرحون ويصخبون ويضجون، ويلقون الخطابات ويرقصون محتفلين بوصولهم إلى الجنة. وأنالا أريد  أن أعكر صفو فرحهم، وتوهمهم أنهم الوحيدون في الجنة!

ستذهب الآن من أمامي، أم أرسلك لآخر الدور لتنتظر سنوات حتى تمثل أمامي مرة أخرى؟!

( القصة كتبتها ونشرتها الكاتبة ميرا جميل باسمها بتصريح مني)


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *