جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
قصةمريم طه

آخر أيام العزاء

 

مريم طه

آخر أيام العزاء



اليوم هو آخر أيام العزاء، بيتنا يعج بالنساء، وجوه غريبة تلاحقني ، نظراتهن كلها حزن   كلما نظرن الي، يتناولن احاديث جانبية فيما بينهن، اصوات متداخلة،  جدتي وعمتي تتحدثان مع النساء عن موديلات الملابس والتسريحات وعن الطعام وكيفية اعداده،  وكأنني اجلس في حفلة نسائية خاصة. احس ببكاء قلبي، انينه يبدد صمتي، لا اريد أن يراني أحد أبكي كلما أحسست بجريان دموعي اذهب خلسة الى غرفة امي  لافرغ حمولة قلبي من الوجع والحزن. لا يزال  صدى صوت أمي يملأ أرجاء الغرفة، رائحتها، صورتها ، ضحكتها وهي تلعب مع اخي الصغير (مجد) ألعابه متناثرة هنا وهناك ، كان شقي جدا ، كنا سنحتفل بعيد ميلاده الثاني بعد ايام ، ابتعت له هدية دبدوب احمرمع ابي، كان يحب هذا اللون كثيرا واخفيته في خزانتي ، ليتني قدمتها له ليفرح بها، الوم نفسي.

لا أحد يأبه بوفاة أمي وأخي الصغير، الذان  لقيا حتفهما في هذا الحادث اللعين ، لولا عنادي وبقائي مع صديقتي ميس لربما رحلت معهما الى ذاك العالم  المجهول الخفي لا أحد يعلم اسراره الا لله ، كما اخبرني والدي ذات يوم، لكن قدر الله يفوق كل شيء.كانت جدتي تكره امي تزوجها ابي دون رضاها ، لأنها يتيمة ، كانت تعرض عليه ليتزوج  سما بنت اختها ،دائما كنت اسمع هذا الكلام عندما كانا يتجادلان بسبب جدتي.تعرف ابي على امي في احدى الجمعيات الخيرية حين كان يوزع هدايا العيد على الأطفال ، كانت امي جميلة جدا بيضاء كنقاء الثلج عيناها زرقاوان بلون السماء، شعرها كأشعة الشمس الذهبية وقت الشروق،ورثت عن امي جمالها . انتهى العزاء ا غادر الجميع كراسي فارغة ،رائحة القهوة لاتزال عالقة في المكان صمت مهيب يخيم على بيتنا، امطار غزيرة في الخارج وكأن السماء تبكي أمي وأخي قصف الرعد اخترق الهدوء،ركضت باتجاه ابي واحتضنته بقوة ثم قلت له: هل بامكاني النوم في السرير مكان امي؟ انا خائفة قال ابي: نعم  يا زين يكنك ذلك والدموع تملأ احداقه يحاول اخفاءها عني لكن دون جدوى ، تساقطت رغما عنه، نام ابي على الأريكة في غرفة المعيشة  وانامكان امي ، احتضنت لعبة مجد بقوة وصرت اشم وسادة امي حتى اشعر بقربها والامان .في صبيحة اليوم التالي جاءت جدتي لزيارتنا استيقظت على صراخها وهي تقول لأبي:  يجب ان تتزوج  سما، زين طفلة في العاشرة من عمرها وأنت تحتاج لمن يقوم برعايتكما، رفض ابي في البداية لكن مع الالحاح الشديد انصاع لأوامرجدتي،تزوج ابي بعد شهر من وفاة امي بحفلة عائلية بسيطة ولأنها كانت مطلقة وافقت دون اي اعتراض، لم تكن حنونة مثل امي ، تصرخ بقوة  صوتها الأجش يزعجني اغلق اذناي حتى لاأسمعه، كنت أكرهها فقد احتلت غرفة امي وسريرها حتى وسادتها التي كنت اشم عطر امي منها لم تتركها لي، كانت تهددني ان بحت لابي بضربها لي وقسوتها ستقطع لساني بالسكين ، لم يكن ابي يعلم بأي شيء كان يعود من العمل في ساعات متأخرة من الليل  دون أن ياتي الى غرفتي كما كان يفعل في السابق كنت صامتة لا أبوح لأحد فأنا طفلة أخاف منظر السكين ومنظر الدماء، حتى صديقتي ميس هاجرت الى استراليا وتركتني وحيدة بين فكي الحياة أصارع نفسي أتألم واصمت. بعد سنتان رزق الله ابي توأم أولاد(ورد وسند) أخوة لي لكنهما لم ولن يحتلا مكان مجد في قلبي كما زوجة ابي لم تحتل مكان امي ، لم تسمح الشريرة سما هكذا كنت انعتها بيني وبين نفسي تقبيل أو اللعب مع اخوتي  فقط اقوم برعايتهما ، حرمتني ابسط احتياجات الطفولة اللعب والتنزة . استيقظت ذات ليلة على صوتها وهي تخبر ابي كم انا مزعجة  وشقية ، وهي تقوم بكافة متطلباتي وقد تعبت كثيرا حتى انني اشتمها واشتم اخوتي واقوم بضربهما،فقد صرت خطر عليهم. لم يعد ابي كما كان منذ ولادة اخوتي لم يقبلني او يحضني حتى كان يحضر لهما هدايا ولم يكن لي اي نصيب فيها صدقها دون أن يسألني صرخ علي وأنبني بشدة ذهبت مسرعةلى غرفتي وانا ابكي  بحرقة  سنين وانا اتجرع مرارة الألم والحرمان ، حتى دراستي اهملتها بعد ما كنت متفوقة بها آسفة يا أمي يبدو انني لم استطيع تحقيق رغبتك واكون طبيبة مثل ما كنت تتمنين. ذات يوم صعد سند على الطاولة ثم قفز ووقع على الأرض وكسرت ذراعه، ضربتني ضربا مبرحا ، وهاتفت ابي ليحضر فورا اخبرته بانني من أوقع سند على الأرض حتى ثار غضبا وصفعني كانت أول مرة يضربني بها، بعد عودتهم من المشفى ووضع الجبس على ذراعه، اشارت اليه ان يرسلني حيث كانت امي بما انني اصبحت خطر على اخوتي، لم يتفوه بأي كلمة ، ذهبت الى غرفتي لانام قفزت على السرير وانا أبكي بحرقة والم ، عندما غفوت رأيت أمي في الرؤيا تبكي هرعت اليها وحضنتها بقوة قلت لها:ارجوك عودي يا امي لقد اشتقت لك كثيرا لم تركتيني ورحلت حتى جاء في الصباح الباكر والدي طرق الباب أيقظني من هذا الحلم لم يا أبي لم تتركني بحضن امي  قلتها بيني وبين نفسي ، نظر إلي ثم قال: جهزي اغراضك وملابسك  سآخذك حيث عاشت امك ، هناك من يتولى أمرك ، وسيكون عندك صديقات ، خرج من غرفتي وانا وقفت قليلا قبل أن ابدأ  بجمع أغراضي وملابسي أنظر الى ارجاء غرفتي أودع فيها كل زاوية جمعتني مع امي ومجد، اعلم جيدا لم يغير ابي رأيه لأن الشريرة ارادت ذلك ابي لم يعد ابي وكأن سحرا قد أصابه. وصلنا  الى المكان الذي عاشت فيه امي ، فهي ايضا فقدت والديها بحادث وهي طفلة صغيرة، وأنا احمل بين يدي دبدوب مجد كنت اشد عليه بقوة اخاف ان افقده، فلم يتبقى لي ذكرى سواه، فقد القت الشريرة بجميع اغراضه ولم تسمح لي باقتناء اي شيء. شعرت برهبة قوية وبرودة تسري في جسدي عند دخولنا مكان كبير  تعيش فيه بنات بمختلف الأعمار ينظرن الي  وكأنني كائن غريب، جاءت المديرة القت التحية عليه وهي تنظر اليه بغضب وعتاب فقد كانت تعرف والدي جيدا، وقد رتب معها كل شيء تقدمت نحوي احدى الموظفات وقالت: انت ابنة غادة  سبحان الخالق كم انت تشبهيها  ضمتني الى صدرها شعرت بحنان الأم  كنت اتمنى ان لا تتركني وابقى على صدرها  اتجرع الحنان الذي فقدته  منذ وفاة امي،  سلم أبي أغراضي وملابسي الى المسؤولة دون أن يكلمني  أو يودعني .رحل ابي وحمل معه الذكريات ، سنين مضت ولم يعد وما زلت انتظره.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *