قصيدة الهايكو..
بقلم : ثروت مكايد
(5-4)
لا يرى شاعر الهايكو في
الأشياء غير الأشياء عينها فهو حين يذكر الكلب - مثلا - لا يعني بذكره وفاء الكلب
أو حين يذكر الحرباء فلا يعني تلونها فالحرباء هي الحرباء ، والفأر هو الفأر ، وشجرة
الجميز العتيقة هي عينها شجرة الجميز العتيقة فالهايكو إذن مجرد نقل للواقع
..لتفصيلة صغيرة منه ، وما يميز الشاعر هو
إدراكه للتفاصيل الصغيرة ..لحركة الجزئيات ..
و الهايكو الحديث - بعد
اتصال اليابانيين بالثقافة الغربية والآداب الغربية ، وهجرة بعض أدباء اليابان إلى
أوربا وأمريكا - صار تعبيرا عن الحلم أو هربا من الواقع ..
فالواقع الحديث لا يرى
الإنسان فيه الطبيعة وإنما يعيش في مصنعه أو بيته الخرساني..
وإنسان المدينة لا يرى
القمر - مثلا - أو النجوم الساهرة أو زهرة برية أو شجرة ياسمين حتى إنك تجد في بعض
القصائد ما يشبه سريالية سلفادور دالي ..
ويهدف الهايكو إلى
مصالحة الطبيعة فالطبيعة ليست عدوا كما هو الحال في الفكر الغربي ومن هنا نفهم كيف
أن الهايكو شعر الحواس والعقل جميعا فالعقل ليس وحده وليس فريدا كما هو الحال في
الفكر الغربي الذي ألّه العقل ..
إنه - أي الهايكو- يمزج
الإنسان بالطبيعة فهو منها ، وهي منه دون تعقيد أو غموض إذ لا شيء وراء القول .