حامد حبيب
الرواية فى تنزانيا
----------------------
[{ رواية "المُعاناة" ل(باليسيديا)}]
=قضايا البطالة=
"""""""""""""""""""
* كانت مشكلة البطالة من أهم المشكلات التى
فرضت نفسها على الرواية التنزانية المعاصرة.
* وتُعتبَر
رواية"المعاناة"لمؤلّفتها(باليسيديا)، أول
رواية تتناول المعاناة
التى يعانيها الناس فى تنزانيا
بسبب البطالة.
*وقد جسّدت شخصيات
روايتها معاناة البحث عن العمل،سواء من الرجال أوالنساء،وركّزت على القادمين من
القرية إلى المدينة بحثاً عن عمل.
*وقد جسّدت
شخصية(تشونيا)_بطل الرواية_
نوعية الشباب القادم من
القرية للمدينة لهذا الغرض..
لكنه يمرّ بإخفاقات
عديدة،إذ صُدم بواقع مغاير لم يكن يتوقّعه،فلم يجد إلا وظيفة خادم بأحد المنازل
بأجرٍ ضئيل،لايتناسب مع
الجهد الذى يبذله،ويبحث عن عمل آخر،وكلما ذهب لمكان قيل له سنُبلغك عن
طريق البريد..فكل مكان
لم يُعطِه إجابة واضحة،بل إجابات مطّاطة..ويوضّح النَّص:"من الصعب الحصول
على عملٍ هنا..الأعمال
فى المدينة تحتاج إلى خبرات محدّدة.كان تشونيا لايحمل مؤهلات معينة
تمكّنه من الفوز بإحدى
الوظائف فى حالة توافرها..
لم ييأس تشونيا وحاول
إرسال رسائل إلى مُعظم هذه الأماكن..وجاءت الردود متوالية بشكل يومى،
وأصابت تشونيا بالحُزن
،ولم توفّر له فرصة العمل التى أرادها"..لكنّ الرواية تؤكّد إصراره على البحث
عن وظيفة
ملائمة.."وتوصّلَ إلى هذه الحقيقة، ففهم
أن العمل الذى يُدرّ
عليه راتباً ثابتاً لم يحصل عليه
لأنّه لم يكن لديه
النقود التى يُقدّمها كرشوة للمسئولين فى المصالح والمكاتب الحكومية،
والشركات التى مرَّ
عليها..صديقه (مسافيرى) أكّد
له أنه قميصٌ بلا أكمام
طويلة، ولذلك فإنه لم يحصل على عمل" والقميص ذو الأكمام الطويلة معناه:
الرشوة...مما يضيف
مشكلة أخرى تعوق محاولة الوصول إلى عمل.
ف"تذكّر تشونيا
ذلك الموظف وكيف يشير بيده إلى
فمه كل دقيقة فى إشارة
إلى طريقة وضع الطعام فى الفم،وأنه يحتاج رشوة بسيطة ليعطيه الوظيفة"
ففى ذلك إشارة إلى
كيفية الحصول على عمل، وربط العمل بالرشوة.
*وبما أن الرشوة تكون
أموالاً،وما مِن سبيلٍ إلى ذلك
يزداد عدد العاطلين،مما
نتج عنه_بحسب الرواية_
أن الكثيرَ من الرجال
والنساء يتجوّلون فى الشوارع بلاهدف،وتحوّلت السيدات إلى أدوات لمتعة الرجال،
وانعكس الرجال فى حياة
الجريمة، وبعضهم احترف السطو،واحترف البعضُ الآخَر السّلب وإدمان الخمور
والمخدرات.
*ولكنّ الضغوط التى
تعرّضَ لها تشونيا،جعلته بعد بحثٍ طويل يحصل على وظيفة عامل فى أحد المصانع،وهى
وظيفة كان قد رفضها من قبل،لأنها
لم تكفُل له مايعينه
على تدبير شئونه الخاصة،بعد أن التقى بحبيبته (شيدا)التى كانت فى حالة صحية
متدهورة،ولم تكفها
النقود التى يحصل عليها،ومن ثَمَّ ،اضطُّرَّ للارتباط بمجموعة مُسلّحة احترفت سرقة
الأغنياء،من أجل الحصول على المال اللازم
لتوفير احتياجاتهم. وقد
جسّدت شخصية(شيدا)
هذه المعاناة ،من خلال
قولها:"حضرت أنا وتشونيا
إلى هنا للبحث عن عمل
فى المدينة،وواجهت هناك
فى"دودوماDodoma" صعوبة
شديدة فى الحصول على عمل أقوم به ، ولم أجد..حينما سمعت عن "دار السلام"
ذهبتُ إليها بعد أن سمعتُةأنها مدينة كبيرة،وأنَّ بها العديد من فُرَص
العمل،ولكنَّ العمل ليس سهلاً هنا،فتورّطنا فى أمور مشينة مثل الدعارة
والسرقة".
*فالاصطدامات على أرض
الواقع أدّت بهما إلى مُنحنياتٍ خطيرة وغير مُتوقّعة (دعارة/سرقة)
نتيجةً لهذه البطالة.
* وما(شيدا)و (تشونيا)
إلاّ تجسيداً للصورة العامّة
التى آلَ إليها حالُ
كُلِّ الحالِمين_على الأقل_بمايضمن
لهم استمرار بقائهم فى
الحياة،فالنتائجُ جميعُها جاءت مُخيّبة للآمال.
**ولابد أن نشير _من
نصوص الرواية_إلى مخاطر جمّة حول موضوع البطالة:
أولها:تلك الآفة
الخطيرة التى تسحق كل أمل فى الحصول على عملٍ أو وظيفة، وهى آفةُ
"الرشوة"
التى تشير إلى الفساد
الإدارى، وهو فساد أخلاقى من الدرجة الأولى، وغياب رقابة حكومية،مما ينتج
عنه حالة من السخط
المجتمعى، يؤدى إلى حالات
من الإحباط عند الشباب،
وعدم ثقة، وفقدان للأمل،
واتجاهٌ بالاضطرار إلى
شيوع الفساد فى المجتمع من سرقة ونهب وخضوع واستسلام لأبواب الإنحرافات
المختلفة.
ثانيها: أن البطالة من
أخطر ما يواجه المجتمع والمؤسسات الحكومية ذاتها، لأنها تفتح الأبواب على مصاريعها
أمام كل خُلُق سيئ، وتُشيع الفوضى
وتُمهّد لقبول
الاستسلام لجماعات التخريب والإرهاب وكافة أنواع الانحراف، وهو ليس فى صالح أى أمة
أو شعب أو مجتمع.
**ما على الحكومات إلا
أن تقضى على الرشوة،
والفساد، وأن تضع فى
أولوياتها أنّ"لقمةَ العيش"
هى أهم متطلبات الإنسان،
ولابد من توفير الأعمال والوظائف التى تكفل للإنسانِ عيشاًّ آمِناً، وفى ذات
الوقت،فإنّ العمل يكفل للدولة تقدُّماً فى نواحيها الاقتصادية، وأمناً للجميع.
**تلك كانت القضية التى
تناولتها الروائية(باليسيديا
فى إبداعٍ روائى راقٍ
أوضح حقيقة القضية فى صفاء. وأظن أن تلك القضية، مما تواجه كثيراً من شعوب العالم،
وهى أخطر القضايا على الإطلاق.
** تلك الرواية مُنتَجٌ
أدبى أفريقى، يكشف عن أهمية الرواية فى أفريقيا فى تناول أهم القضايا
ويُطلعنا على هموم
الآخر وقضاياه، مما يجعل من الرواية عالمٌ شديد التأثير،يقوم بمهامٍ صعبة وخطيرة
ويدق ناقوس الخطر، من أجل التغيير.
_________________
حامد حبيب _مصر