الرائعة مريم الأحمد
لستُ من طرطوس.
لهجتي بيضاء !؟
انسَ أمر اللغة و
نبرتها الجردية القح .
انسَ سمار البشرة و
شقار الوبر فوق الشفاه!
.
لهجتي بيضاء تشبه قرن
الثور الذي أُكَِل ، و لن أقول كلمة " عنَب" إلا بفتح النون.
العنب الأسوَد بفتح
الواو..
البارد بمد الألف.
من حريصون و جبلة و
قرقفتي و ميعار شاكر.. صديقات يقرطن نصف الحروف اللذيذة! و يفتحن للمجالس نماء و
نميمة!
بكل اللهجات.
.
جدتي حورانية وشمت
ذقنها
بسنبلة تشبه لقمة
الفلاح
المسروقة من قصعة
الفرنساوي.
و للمراجل شكيمة.
.
خبّأ جدّي حصانه تحت
الدرج.
و بات ينتظر الغارة
ليرمي عنقود العائلة
بوابل الدعاء!
.
يا حصان ابراهيم هنانو!
من أفرغ الوطن من
الطرواديين الشرفااء؟
.
صورة جدتي على نافذة
غرفتها، تتكمش بقضبان تشبه تلك
الصدئة في السجون!
أنفها بارز من ثقب، و
جدي يضحك لنصف المدى العلوي حيث الطائرات ترمي مناشير التحرر و النضال!
و جدتي تبكي لنصف المدى
السفلي حيث رموا جثمان عمر المختار!
.
أنا من سوريا
من حارم إلى الشيخ بدر
خط مستقيم يمر بقلب
جدي.
.
الخطان المتوازيان لا
يلتقيان
هاجر جدي عن وطنه
و لم يلتقيا
إلا في
القبر.
في القبو، حصان جدي
يصهل
بلكنة مصرية!
و على مدخل الدار
،
كتب أحدهم بالطبشور :
يحيا عبد الناصر.. يسقط
الاستعمار
.
التحق ابن عمي محمود
بالجيش
كتب علي قلوبنا
" وداعاً
تلكلخ"!
.
بكى عمي نصف قرن
عميت الحمامات بين
الرفوف
و القنطرة النهرية.
لستُ من طرطوس
أنا هنا مجرد لاجئة.
معي إقامة مزورة!
.
لهجتي بيضاء
هل عرفتم من أنا؟
.
مريم.......