جمال الأغواني
حديقة الإنسان
دلفت الغزالة إلى مكتب
الدكتور نمر مدير حديقة الإنسان ...ألقت عليه تحية الصباح بابتسامتها المعهودة
....تبسم النمر للغزالة ودعاها للجلوس ....قالت الغزالة : سيدي ثمة أمر يؤرقني منذ
مدة ويكاد لا يفارق خاطري ...سألها النمر باهتمام شديد : وما هو يا غزالتنا
الغالية ....قالت : سيدي نحن نحبس البشر في أقفاص حديدية منذ زمن بعيد ....نعرضهم
لزوارنا الحيوانات بغرض المتعة والتسلية ...قال النمر : هذا صحيح ...وما الضير في
ذلك ؟....قالت الغزالة : سيدي نحن نسرق منهم حريتهم .....نحن نأخذ منهم أغلى هبة
منحها الله تعالى لخلقه ...قطب النمر حاجبيه وقال : ألم يفعل البشر بنا ذلك في
العصور الخالية ؟....ثم يا ابنتي البشر شريرون بطبعهم ...إن تركناهم في الحديقة
دون قيود سيتحينون الفرصة لقتل الضعيف منا كما فعل أسلافهم في الأزمان الغابرة
....قالت الغزالة : سيدي نحن حيوانات نتصرف بفطرتنا السليمة.... ولا نعامل البشر
بمقتضى قوانينهم الإجرامية ....قال النمر : نعم يا ابنتي هذا صحيح ....ولكن ما
الضير في عرض البشر لكل الحيوانات بغرض المتعة والمعرفة ....قال الغزالة بحزن
شديد: سيدي ....الحرية هي أثمن ما في الوجود ....قال النمر : قد يكون كلامك صائبا
ولكن يا ابنتي الحرية ثمينة لمن يفهمها ويدرك حدودها ....البشر يا ابنتي في
تاريخهم المغرق في القدم قتلوا بعضهم البعض بحجة الحرية .....سرقوا ثروات بعضهم
البعض بحجة إقامة ودعم الحريات ....سفكوا دماءهم بكل غباء وحمق بدعوى الحرية
....ومازال من تبقى منهم يعيشون في مدنهم البعيدة عن غاباتنا ويمارسون إجرامهم
فيما بينهم بدعوى الحرية .....يدنسون كل ما هو مقدس لديهم بدعوى الحرية....ينسفون
كل أخلاقياتهم التي كانت في سالف العصور جميلة ورائعة وراقية بدعوى الحرية
....يدمرون مدنهم على رؤوسهم بأيديهم بدعوى الحرية ....نحن يا ابنتي نحمي الثلة
القليلة التي نحتجزها هنا في حديقة الإنسان من شرور أنفسهم ...صدقيني يا ابنتي لو
أطلقنا سراحهم قد يقتلون بعضهم بعضا ....قال الغزالة : كل ذلك ل يبرر أن نسرق من
أي مخلوق حريته .....هز النمر رأسه بحيرة وقال : حسنا يا ابنتي ...أعطني سببا
واحدا يجعلني أطلق سراح هؤلاء البشر ....تبسمت الغزالة وقالت : ببساطة شديدة يا
سيدي لأننا لسنا مثلهم ....لأننا حيوانات.
.....جمال الأغواني