عبير سليمان
كنتُ بكامل وعيي
كنتُ بكامل وعيي
عندما وصّيتُ بكلَّ ما
أملك للبحر ، وكنتَ
كلّ ما أملك .
**
ماذا تأكلُ حتى أشمّ في
أنفاسكِ رائحة إله عتيق؟
ماذا تشرب حتى تجعلني
أسكرُ بلا خمرٍ ولا بلّة ريق؟
بمَ عمّدتكَ أمّكَ كي
أذوق طعم الملح على شفتيّ كلّ مرّة تغادرني؟
من كبّر في أذنيك حين
ولدتَ ، حتى
صار ذكرك في دمي
آذاناً وتراتيل؟
ثم
ممّ خُلقتَ كي تمشي على
جليدِ الفراق فلا ينخدش ولا تنزلق قدماك ، وأنا من تكسّر السبيل المُثلِج تحت
خطوتي
فغرقتُ ، وتجمّدتْ
أحلامي .
**
تعالَ إليّ بوجهٍ
ملطّخٍ بالذنوب
بعينين مراوغتين
بيدين ماكرتين
بصوتٍ يتقن فتلِ حبال المشانق
بصدرٍ عارٍ عن الصحّة
بقامةٍ غادرة وسكّين
شِعرٍ مضرّجة بدمائي
لا بأس
المهم أن تأتي إليّ
عندما لا تملك وجهةً تمضي إليها قاتلاً
المهمّ أن تأتي إلي
عندما تعرف ، أنّ الحبّ
قد اختاركَ قتيلاً .
**
يردّدون اسمكَ كثيراً
في الصباح والمساء
في الأحزان والمسرّات
قبل النوم وبعد الطعام
ولكثرة ما رددوا اسمك
ظننتكَ خميرة الخبز
وقشطة الحليب ، ومصباح
إنارة الحيّ ، ولذعة القهوة المرة
وتول طرحة العروس .
أسمع كلامهم فأصمت كي
لا يروني
أغبُّ ملامحك داخلي كما
يغبّ العتمُ الأرض والمحيطات والبشر ليسرقها من الضوء
أو
كما تغبّ إسفنجةُ الحب
الضوء
لتعصره قطرة قطرة ، فوق
قلبٍ يابس ومعتم .
**
بين أن تحبّني وأن تحبّ
أنني أحبّك
مسافاتُ تيهٍ طويلة ،
غابة مفخخة بالأسئلة والهواجس
قلبٌ يجري كغزالة فزِعة
، وآخر يمتشق الشجر كفهدٍ
يحتاج إلى قيلولة !
**
أكتبّ عنك
في عالمٍ مذعورٍ من
الحرب والملتحين والأوبئة
أكتبُ ولم يسبق أن
نزلتُ إلى خندقٍ لأحتمي من القذائف
ولم أخشَ اللحى ، ولا
ترّهات البائدين ، لم أرتدِ حتى الآن كمّامة ، ولا أشغل بالي بجرعات أدوية أو
لقاحات .
أكتب
لأنني أعرف أن الفايروس
الوحيد القادر على قتلي
اسمه الحب.
**
كنتُ بكامل عشقي
عندما وهبتك للبحر ،
وكان البحر وفيّاً
حين أعادك إليّ مع كل
موجة .