جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

منى الماجري ..تونس

اليوم عاد


عاد ذااك المطر

بعد طول غياب

عاد وكأن الفضاء في احتفال

كأنه يضع غطاء قبابا لسماء الحارة

يعلق فيها فوانيسا يدق الطبل فتضيء عند المساء

وتدق الأرجل حتى الصباح

حتى يسيل المطر مع المطر تحت الكساء

اليوم مطر وأحتاج

أحتاج بعض عمر آخر

أحتاج وكيف أفعل ؟

أحتاج عمرا آخر

تحتاج تلك الطفلة إلى فستان زهري قصير

وإلى شريط يعقص الضفيرة

وإلى خصلات عشوائية شاردات

على جبين عريض يحتاج إلى غرة كثيفة

ولكن الشعر ،كان شعرا من النوع الثائر

لا ينتظم ،لا ينبسط

فيبقى الجبين عاريا

والغرة أبدا بيضاء

والأختان تبتسمان

من الجسد الثمامي

ومن البشرة السمراء

من الساقين الدقيقتين

تشق بهما الزقاق

والمطر يسيل مع الجلد

ومن الرأس يسيل يمر بالعينين والأنف

وتتلمظ الشفتان ملحا وماء ..

أحتاج بعض القماش بلون البرتقال والنار

أرتقه لعمري

كي أخرج إلى الطريق التي تشق القرية

مجتمع المياه والأوحال

في تلك القرية التي تشبه الجبل

قدر الماء أن يشق القرية

ليلقى العرائس في جوف البحيرة

هناك غالبا منذ الخريف تبرم عقود القران

اليوم مطر

كيف يصبح جسدي خفيفا

لأشق مسيل الماء وأشمر فستاني

وأعصي نداء أمي التي تأمرني بالخروج من

 السيل ،بالانتباه إلى الفستان

وبالحذر من الصبية

كل الحذر من اللعب مع الصبيان

اليوم مطر

اليوم مطر كيف ألف عمرا آخر

لأذهب وأنا أستحم تحت خيوطه

إلى ذلك الركن الذي لم يشمله عفو البلدية

فبقي متربا عاما بعد عام

في الحقيقة كنا نشكر البلدية في قرارة أنفسنا

لأن عفوها يعني حرماننا من أماسي التزلج

فوق التراب المبلل ،بعد مطر الخريف المستعجل ،ذاك الذي يأتي مستعجلا

يصب كل مافي جرابه

معتذرا عن غيابه

مثل أب عامل بفرنسا

يعود مرة واحدة في العام

يضخ حبا كبيرا للأولاد والزوجة

وبعضا من الأقمشة واللعبة

ثم يعود من حيث أتى

فتترشف العائلة بقايا اللقاء

تدوره احدى عشر شهرا

تتوهم أنها تشرب

أنها ترتوي

إلى حد الشعور بالدوار

اليوم مطر

من أين لي أن أعود غير مبالية

رأسي كالحجر مثلما تنعتني أمي

فتردد معها كل العائلة

رأسها كالحجر

كيف أعود

كذلك

كيف أخاطر بالتزلج في التراب المستحم

كيف أقذف الأقران بالوحل

فيردون بأحسن منها

كيف يتلطخ رأسي

وشعراتي النافرة بالوحل

وأنا أضحك لأني كافأت رفيقتي الجارة

بما أقدر عليه من القذائف

كيف لي أن أشتبك باليدين مع ابن الجيران

الذي شدني من ضفيرتي

ففقدت التوازن وسقطت على أرض المزلج

وأصبح لوني بلون التراب

لا بلون الوحل

كيف لي أن أجري خلفه

أرغي وأزبد

وأبكي وأشتم

دون ،دون أن أخاف عيون المارة وعيون الجيران

من أين لي بذلك اللقب الجميل. ابنتك شيطانة ،،

،،شيطانة وذكية ،،

،،ضاحكة دوما ،،

تشوش أثناء الدرس

يقول معلم القرية لأبي

تشوش دائما غير أنها ذكية

من أين لي بشهادة المعلم الآن ؟

أين لي بالفستان الزهري القصير على جسد صغير

أين لي بضفيرة مع غرة مشوشة

أين لي بشبشب صيفي ألقي به في منتصف الزقاق استعداد للقاء الماء

في الحقيقة ،ليس عسيرا أن أحصل الآن على ذلك الفستان

ليس عسيرا أن أركب ضفيرة

وليس عسيرا أن أتبع حمية قاسية

فأخفف من الميزان

زقاقنا كما هو ،تماما تماما مثلما كنا صغارا

دار فاطمة

دار الحاجة

دار حلومة

دار محسن

دار محبوبة

دار شلبية

دار منا

الشارع الرئيسي مازال يشق القرية

تماما تماما كما كان

مسيل الماء يجتمع عنده دوما

وفي كل خريف يحصل مايشبه الموج

فتتقافز حوله الأرجل

ويغطس فيه عمدا الأطفال العائدون من المدرسة

كل هذا باق على حاله

وقد يعود الجسد

وقد يسترجع الفستان

ولكن إذا عاد كل ذلك

من أين يعود  الرفاق

من أين نستعيد الركن الترابي

الذي يتحول منذ الخريف إلى ساحة تزلج

من أين أستعيد ابن الجيران المشاكس

كيف لي أن أجري بقدمي عداءة

وأنا أبكي وأصرخ

أنتقم من مقلب الطين

أنتقم لفستاني الملطخ

كيف لي أن أتذكر عقاب أمي

وعصا المروحة التي تترصدني وراء الباب

كيف ؟؟؟

منى الماجري ..تونس


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *