ـ باسم العراقي ـ
الومضة كمقابل أصيل للهايكو المستورد
من قراءاتي العامة
وآرائي الخاصة ـ
فهي نص متكامل، ذو فكرة مركزية واحدة،وبتفسيرات
متعددة الاتجاهات (نتيجة التكثيف المتأتي عن ضيق العبارة).
وهي قصيدة في بيت واحد
، و تتميز بخصيصتين رئيستين :
.۱.ـ قصر اللفظ
.۲.ـ غزارة
المعنى (معانی كثيرة)
فهي أنموذج شعري جديد
له بنيته الفنية ، وصوره،ولغته ، وإيقاعاته (الداخلية والخارجية) وتنبع خصوصية هذا
الأنموذج الشعري بما يكتنزه من مفردات قليلة ذات دلالات كثيرة ، وإيحاءات خصبة ،
مولِّدة للدلالات مع كل قراءة جديدة ،
دوالها ومدلولاتها غير محددين الدلالة ضمن دائرة العلاقات "المرّمَّزة" ،
ومفاتيحها متعددة مما تمكّننا من ولوج النصّ واكتشاف عوالمه الداخلية
.
و هي بهذا المعنى قصيدة
دائمة الإنتاج للمعاني ، و دائمة التخلّق ، لأنها :
ـ تتموضع ظهوراً /
غياباً ، في سائر مراحل صيرورتها .
ـ متحركة و قابلة لأكثر
من"زمكان" بسبب ما تختزنه من
طاقاتة تعبيرية مضمرة / تحتانية ، ضمن بنية شديدة التكثيف .
ـ فاعليتها متولدة من بنيتها النصيّة .
فهي شكل من أشكال الإنجاز اللغوي الشعري ، تتمتع
بنظامها الخاص ، ولغتها الوسيطة بين طرفي المعادلة الإبداعية (الشاعر / القارئ ) ،
تسعى للتفرد ، و قصيدة الومضة عليها أن تتمتع بخصوصية تمكّنها من ممارسة تغريب
نسبي، و فعل استلابي ، و قلب لأفكارنا ، ولمدركاتنا ، و لتعابيرنا الخصة وذائقتنا الشعرية المعتادة على أنماط ،وأشكال
معينة.
ويبقى الرهان الأكبر
لهذه القصيدة هو قدرتها التأثيرية في وجدان المتلقي ، وخلقها أثراً توصيلياً
كبيراً في داخل المنظومة الحدسية للقارئ ، وهذا يتطلب منها امتلاك قدرة على
الإدهاش ، والاقتصاد في تكوين بنية النص من أدوات تعبيرية قليلة ، دون الإسراف في
العمل اللغوي الذي ينفر القارىء من الفكرة ، ويشتته بعيداً عن قصد الومضة ، لذلك
تكون بنيتها في غاية التماسك ، للإبقاء على وهج فكرتها ، فهي قصيدة جد قصيرة ً، لا تتجاوز
في العادة عدة كلمات ، أو أسطراً قليلة ، تتميز بوحدة الموضوع ، وبكثافتها
الدلالية العالية ، والاقتصاد الشديد في استعمال حروف العطف، والاشارات التجميلية
التي لا تخدم جوهر الموضوع ، وخلوها من الحشو والمحسنات البديعية الأخرى. ومما
يسعون اليه اضفاء سمات جريئة في التشكيل ، وطرح مختلف الرؤى الشعرية منها عدم
انصياعه لخواص الهايكو الياباني، موظفين لذلك كل الطاقات المجازية / الازاحية للغة
العربية في تفجير العلاقة بين الدال والمدلول وغيرها ، والابتعاد عن الاساليب
البلاغية الموروثة ، مع التأكيد على ( المشهدية ) و التعاطى مع الحياة اليومية
بهمومها الاجتماعية والسياسية ، الا ان "الومضة" لم تنل ما تستحق من
اهتمام مؤسساتي لتأصيل هويتها الادبية ،
وحضورها الابداعي المتأصل الجذور في ساحتنا الثقافية ، التي غزاها ذلك الوافد من
خلف الحدود "الهايكو الياباني" واحتفت به المنابر والمنتديات كأنه فاتحٌ
مهيب في منجزنا الادبي التجديدي .
ـ باسم العراقي ـ