سمر لاشين
أدخنُ سيجارتي
وأنظرُ من نافذتي
باتجاه الشّارع
تقع عيني على بائع
اللبن جالسًا على القهوة يدخن
أنظر إلى أصابعه التي
تمسك الشِّيشة
إنها كاملة؛
فلماذا إذن كان يعدُّ
أصابعه بدلًا من النقود؛
عندما أعطى لجارتي حفنة
من اللّبن، تشربها كلها وتلحس باطن كفيه؟
ولماذا بعد أن أعطته
نقودًا من حصالة صدرها
لم يَعُد يصب لها اللبن
في الإناء،
ويَعدُّ أصابعه، بعد كل
مرة، ويكرر العدّ؛ تحسبًا لعدم الخطأ
هل كانت جارتي تشرب
أصابعه بدلًا من اللبن؟!
//
عندما تزورني أمي كلّ
جمعة
تفتحُ مطبخي وثلاجتي؛
لتتأكد من مخزون الطعام لديَّ
وتراجع معي عدد
الزيارات التي قمتُ بها لأقارب زوجي
ويعجبها أن صوتي لم
يطلع عندما تشاجر معي زوجي؛
بسبب الملح الزائد في
الطعام والعلاقة الحميمية.
ولا يهدأ لها بال حتى
تقع عيناها على
العلامة الزرقاء في
رقبتي
تطمئن أني مازلتُ أشرب
اللبن من الإناء
وأمسك النقود في يدي
ولا حصالة في صدري
كمعظم النساء، اللاتي يشربن
أصابع الرّجال
ولم أخبرها طبعًا أني
أكتب الشّعر
كانت ستقطع رأسي.
أمي في كل مرة
"تبوس" رأسي
على الحروب التي خسرتها
حتى أكون زوجة صالحة ومطيعة.
بينما هناك حروب أخرى
تخصني وحدي
لا تعرف عنها شيئًا
وقد ربحتها كلها.
كنت أريد أن أخبرها في
آخر مرة
عن موت "عناية
جابر"
لكنها لا تعرفها مثلي.
ماتت عناية جابر. عرفت
ذلك من أصدقائي
ماتت كما تموت العصافير
فوق عشها البعيد، ماتت
وحيدة وهادئة
أظن أني سأموت مثلها يا
أمي.
لكن شيئًا ما في
ملامحها يخبرني
أننا في حياة ثانية
سنكون صديقتين مقربتين جدًّا.