سعدي يوسف
***
.العزلة
يجلس في الغرفةِ
محتميا من مطر الليلِ
ومن تبعات صداقاتٍ فاترةٍ
محتميا من شارعه المتلاشي في الظلمة
محتميا مما يألفهُ
مرتمياً في منجرَفِ السيل .
والغرفةُ زرقاء
خزانتها زرقاء
شراشفها زرقاء
وسائدها زرقاء
حتى المرآة بها زرقاء...
وفي الغرفة يجلسُ .
كان الرعد يجلجل بالأمطار الأولى
وتُصلصل في أوراق النرجسِ
في ركن حديقتهِ
أجراسٌ خافتةٌ ...
وارتجف المصباح
انطفأ المصباح
وبحثت طويلاً في جيب قميصي عن شمعةْ :
عشر أنامل من ماء تتغلغل عبر زجاج الشبّاك
عشرة فتيانٍ فتحوا بالضحكات البابَ
وجاء الشارع معتذراً عن ساعات تأخرهِ
معتمراً ، كالهر الشاميّ ، قلنسوةَ البحّار
وأصرّ على ان يشرب من كأسي نخب الأنخاب .
والغرفة زرقاء
خزانتها زرقاء
شراشفها زرقاء
وسائدُها زرقاء ...
لكن المرآة بها ما عادت زرقاء.
.
سعدي يوسف
***********************
***********************