جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

عباس بيضون

***

. حجرات



    - ١ -

  وأقول وداعا لهذه الحجارة

التي خرفت

إسودت دفعة واحدة

تلك الصخور التي جرينا عليها

لن نقول إن الريح حمقاء أيضا

وهي تجري فوقها

ألبحر يلحسها

سيحدث ذلك دائما

ألبحر يلحسه والهواء يتشممها

بلا انقطاع

           - ٢ -

     ألمطر يقع بلا اكتراث

على حياتي

المضاءة دائما كالزنزانة

إنني أغادرها الآن

لم يعد لي منها سوى الباب

لم أداوم على سكناها

كانت لي منازل أصدقائي

منذ تلك الليلة

لم أعد بستاني حياتي

ظل العشب الضار

ينبت  من العشب

ولم يقتلع أحد الحماقات

التي عصيت جذورها

لم أعد بستاني حياتي

إني أتركها لنزلاء مسرعين

وأصدقاء

استحقوها بخياتهم

             - ٣ -

     ألمطر يقع أيضا

والأرض ملساء تحت فراشاته

الصخور لامعة بلعاب ألبحر

ألنهار أملس تماما ، أصلع

بالضحكة الملساء للبحر

وأنا في أَرقِي على سرير الفندق

أنظر بالإبتسامى الخالية للبحر

              - ٤ -

       وداعا لتلك القلعة

التي أزالوها من جيلين

ومازالوا يدورون مكانها

وداعا للإسفلت

شعرتي الأكثر طولا

للحساء الذي شربته من رواية روسية

للمذياع الذي ينبعث من حياة ما

لم تتوقف في جواري

                - ٥ -

         كنا مرضى كمنازلنا

المبحوحة دائما

مرضى قليلا كحيواناتنا

كانت بيوتنا خلف العالم

حيث الماء أصفر قبل ولادتنا

كانت خروقنا وطنابر سُعالنا

ندفعها أبعد

في طرقات من صفيرنا

وخيطان بولنا

ونهاجر على ظُهُورها

        إننا نرفع من رؤوسنا

عن الركبة

التي خرجنا ذات يوم منها

نتحسس كواحل آبائنا

وشهور مرضهم

الموزعة على أبراج حياتنا

نُدَوّر أحجارنا

وتلك النار التي تتبعنا كالخرق

تذكرنا في الضوء المهلهل

كيف كانوا يديرون العجلات

وبالبطء ذاته

يوجهون نعاسنا

      لقد انفصلنا أيضا كالخرق

حين كان السقف يتمزق بلا انقطاع

تاركين الحجرات تنهض كالعجول

حين الحجرات نفسها تلدنا ثانية

والأكتاف القوية تتقوس للرحيل

                - ٦ -

  هذا البيت الذي سحبت قائمتي منه

يعرج دون أن يقع

أبي وأصدقاؤه

يخرجون تحت أكتافهم

لقد لبثوا هنا

بعد أن لأَمُوا جرح غيابهم

تحت السقف الذي بقي أكثر انخفاضا

والستارة لا تزال صفراء

من ذلك الحين

       ألهواء لايهب من أمكنة مجهولة

إنه هنا لن يغادر

كغلالة خلعوها

       ألظل الذي بقي على وسائدهم

أَخَّرَ ذلك الصباح عن الظهور

ولا يزال للآن

يتردد على الأدراج

والسرج

خيط دخان وخيط عطر

تركوه وراءهم

إنه الضوء العالق في تلجافة

لا يزال في الخدمة

منذ شحوقليلا

على أَسِرَّتِهم

      مرضهم الطويل يكسف الحجرة

ويصبغها بلون دخاني

لسائل لا يرى

ربما اختفى لكنه ظل يابسا

في القُمصان والشراشف

كأنه يُنَشِّيها

       لقد ربيناه أشهرا طويلة

وهاهو بعد أن نجمعه مرارا

يبقى حيا كالإكسير

ويؤخر إلى مالا نهاية رحيلهم

       ألوداع الذي طال

إلى أن لم يقع

ألموت الذي لم يجد شيئا

              - ٧ -

      على هذه الحجارة الداكنةسقطنا

وابتدات الحياة من هناك

ربما سقطنا كالحجارة

من نور تلك الحجرات

أو خرجنا لامعين كالديدان

من ذلك اللُّعاب

الذي بقي للآن

جافا على أجسامنا

      كانت هناك حفنة رائحة

دائما في الأسفل

رائحة كأعشاش نطمورة

تدوسها ولا ننتبه

رائحة ماذية وسفاد

سبقتنا

وهانحن كلما خطونا

نشعر بها تنزف تحت عشبة

ونحدأنها لا تزال تحبسنا هناك

      نمونا تحت سحابة الطهو

ودخان السردين

ألبحر الذي يرتفع أيام حَيْضِهِ

يفوح دما وملحا قويين

ألأرض مسلوخة أول المطر

سائلها السخن يغمرنا في النوم

وهذا الإسطبل الذي هب فجأة من جنبها

نخرج أيضا من الحَمَّام القمري

دون أن ننتبه

إلى أن الحمرة التي دبغتنا

لن تزول سريعا

وأننا ندشن السهر الأول الكبير

لجلودنا

                  - ٨ -

         كنا نجد نُتَفاً من شيب أمهاتنا

متخلفة في كل مكان

وننظر إلى خِرَقِهِنَّ الطرية حديثا

خائفين من أن نكون حقا

لا نزال فيها

   كنا نخرج مدهونين بدموع أمهاتنا

لا نبتعد كثيرا عن سائلهن

وحين نعود

نجلس في هالة المصباح

والحجرة حولنا

منبوشة مظلمة

كعانة كبيرة

     ننهض فنرى الفراش شاغرا

ونجدهن في أسفل الحجرات

نسبح في الصباح المترامي حولهن

كالبزاق

ونلعب على أطراف أثوابهن

تلك العناكب الكبيرة تحت الإبطين

وبين السيقان

التي نعبر منها إلى الحديقة

والتيردفناةفيها إبهامنا

إننا نجدها كلما قلبنا حجرا

وغيرالصباح

نرها محمرة على جلودنا

         وذلك النفس المستوي

الذي تأرجحنا عليه في القاع

حين كانت اليدان الشاهقتان

من الأعلى

في الحجرة التي استحالت قدرا مدهونة

تغزلان الشعر المسترسل إلى الأرض

وتقلبان أجسادنا وترا وترا

على الوسادة

التي يأخذنا فوقها صفير الليل

      وتطبخان النهار الذي لا يتأخر

إنهن الآن يحيين بظموعهن

الخرق الكبيرة

شقيقة جنوننن

      هل كانت العناكب وحدها

في القفف الكبيرة

أم أننا ونحن نجمعهن عن المصاطب

مع صُررهن

أو نجدهن يهذين بين الأواني

تركنا عمدا

ذلم النسيج الكامل لوجةههن

كمنديل منقوش ، كمنديل رطب

للحجارة التي تتقدم

وتلحس نصيبها

متآخين بصمت

مع حشرات الجدران

               -٩'-

       لست بستاني حياتي

إنني أهجرهاالآن

لميعد لي منها سوى الباب

لم أداوم على سكناها

كانت لي منازل أصدقائي

.....    .....     .....

عباس بيضون

       لبنان


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *