__( الأدبُ النسائى المعاصر..فى الوطن العربى)"٣٠"
تقديراً وليس تجنيساً
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
{ نبيلةُ الوزّاني....صوتٌ من المغرِب}
نبيلة الوزاني :
إذا ما جاء
التّقدير من ذوي العلم بالمجال كان له في النفس وقعٌ عميق من الشرف والفخر ،
ومن هنا
يسعدني ويشرّفني تلقّي هذه الهدية المباركة الثمينة وهي هذه الدراسة النقدية
المميزة التي توصلت بها من طرف الأديب الشامل النّاقد القدير المصري أ. حامد حبيب
هدية غالية
رفيعة جدا أعتز بها وأضمّها إلى أشيائي النفيسة،
كما يشرّفني
تقديم الشكر والتحية والتقدير لشخصه الكريم على هذه المجهودات القيّمة التي
يقدّمها من أجل الأدب عموما في كل أصنافه بميدانه الكبير...
ورقة نقديّة
رفيعة جدا وهامّة ومميزة جدا تناولت حرفي بالدرس والإنصاف وتحدثت عن حرفي المتواضع
واقتطفتْ من بعض نصوصي مقتطفات مختلفة أسعدتني كثيرا وهذا عطاء كريم لا يُقدَّر
بثمن ولا كلمات تكفي لتقديم الشكر المستحق له ولا ينبع إلا ممّن يقدر قيمة الأدب
والإبداع ويُنصفه في زمن قلّ فيه الإنصاف وأصبحت هناك معايير أخرى. كل الشكر والتحية
والاحترام والتقدير أستاذ حامد
.................................
الورقة
النّقدية
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
__( الأدبُ
النسائى المعاصر..فى الوطن العربى)"٣٠"
----------------------------------------------------
تقديراً وليس تجنيساً
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
{ نبيلةُ الوزّاني....صوتٌ من المغرِب}
----------------------------------------
متى يلدُ الفجرُ
جنينَه
وترتدى الأصواتُ
ألوانَ الصباح
---------------
حلمٌ يُحلّق بنا جميعاً فى هذا الوطن
..يرافِقُنا فى
كل آنٍ وفى كل مكان . ليس حلمَ الشاعرةِ
وحدها
بل حُلم كل
إنسان أوجعه الاغترابُ فى هذا الوطن،
وأرهقه الصبر
والانتظار.
فى بناءٍ
شعرىٍ مُحكَم علا فيه صوت الذهنية على العاطفة
، وقامت فيه
الألفاظ بوظائف المعادل الذهني ومدّخراته الفكرية، وإن لم يخلُ
بالطبع من عاطفة تلتقي بين حينٍ وآخر مع
الذهنية على جبهة
الصراع مع
الواقع المرير.
والشاعرة
الواعية المتميزة/ نبيلة الوزاني....لاتُخضِع
القصيدة
لتيارات عاطفية بحتة، ولاتخضع كليّاً لهذا
الوجدان الذى
طالما سيطر على الكثيرين، فنتج عن
ذلك مجرّد
الاستسلام لمشاعِرَ مُرسلة
تنمُّ عن
بَوحٍ وفضفضة
ليس أكثر، وإنما تدخّلت بعقلانية،لما
تفرضه الظروف
العصرية التى تحتاج أن نُقلّل
من
عواطفنا
قليلاً ونشارك في حلولٍ من خلال الجاذبية
الشعرية التى
تتحلّى بالصور البديعة
والتركيبات
المؤثِّرة
التى تجذب اهتمام القارئ عقلياً مع ارتباط
وجدانى
وخيالى يُحلّق به فى سماوات الفكرة التى
بُنيَت عليها
القصيدة.
وإذا جمعنا
بعض المفردات أو الألفاظ التى ازدحمت
بها قصائد الشاعرة ، فإننا نستطيع
أن نحكم على
موضوعات تلك
القصائد ونلمَس المراد منها دون
معاناة ،
فنجد:
(
الحلم-الفراغ-التلاشى-الانتظار-بوصلات تائهة-
بلا
جاذبية-بلا مركبة-أسئلةٌ مُثقلَة-أنين الذهول-
الوقت
المسكوب- موائد الصقيع- صفعات البرد -
أنقبض-أتقلّص--نكمش-الهزائم).
وهل تدلّ تلك
المفردات إلاّ عن مرارةٍ بلاحدود،
يعيشها هذا
الوطن وأيضاً تعيشها الرّوح التي
تسكن ذاتَ الشاعرة بحيث أنّ مضامين قصائدها
تجمع بين الوطن والهمّ الإنسانيّ العامّ وأيضا
همّ المرأة
بداية من
ذاتها وعروجا أو انفتاحاً على ما يموج
في المحيط الإنسانيّ من أحداث وقضايا
وبرغم
التصعيد العقلى فى القصائد
وتفوّقه على عنصر العاطفة ، إلاّ أنها
_كشاعرة
واعية_ وضعتها فى إطار الإيحائية
لتبقى
القصائد تنبض بالحيوية وعدم الجمود.
_ففى
قصيدتها" الحلم وأشياء أخرى" تقول:
ويحدُث...
أن يُداهمُكِ
الفراغ
فتنسحبين
منكِ بسُرعةِ الصوت
لتمتلئى
برذاذ التلاشى
وتُلقى
بعُمرك على أطلال المحطّات
بعدما أغلقَ
الانتظارُ مظلّاتِه
_ وإذا كانت
اللغةُ هى وسيلةُ التفاهُم وأداةُ التعبير عن
المعانى ، فإنَّ الكاتبَ يتجسّدُ
لُغوياً فى نَصِّه،
وهذا التجسيدُ
اللغوى يعكس المستوى
الحضارى
والعلمى
والاجتماعى الذى بلغتهُ المراحل التاريخية
التى يعاصرها
الكاتب ويُعبّر عنها.
_ والشاعرةُ
تُعبّرُ عنها نصوصها
، تعبّر عن مدى نضوجها الثقافى وإلمامها التاريخى وإدراكها
لحقيقة
الواقع ، لذا
جاءت قصائدها نتاجاً لكل ذلك إلى جانب
موهبتها التى
كانت أساس البناء الشعرى.
_فتلك هى
قصيدتها :" ذاكرةُ الصدى " تعكس
بعضاّ مما ذكرناه:
هناك بوصلاتُ
الشمسِ
تائهةٌ
ماوراء الملموس
بلا جاذبيةٍ
رحيمة
ولامركبة
صوتية تحضُنها
لعودةٍ آمِنة
هنا الأسئلةُ
مُثقَلةٌ بأنينِ الذهول
والأجوبةُ
فُقاعاتٌ جافّة
وأنا
بانتظارِ..
ليلةٍ حُبلَى
تُنجبُ قصيدة
تُقاسِمُنى
الليل
وتُلبسنى
النهار
....
أيها الوقتُ
المسكوبُ..
فى كئوسِ
الصبر
كم من
انتظارٍ تحتاجه..
لُتُشرقَ
القصيدة ؟
ياقصيدتى
المُنتظَرة
لاشئَ بعد..
يُغرى لنُضجِ
الحُلم
ماهى إلا
موائدُ الصَّقيعِ
وكُلنا
نجترُّ صفعاتِ البردِ
فَمُدِّى
أجنحةَ الدفءِ
وضُمّينى
مجرَّةَ لقاء
قبل انشغالِ
ذاكرةِ الصّدى
_تستنكرُ هذا
الزيف الذى يطالعنا به ذوو السلطان..
مَن يحاولون
إقناعنا بغير الحقيقة ، الذين يريدون
أن يحكمونا
بأهوائهم ، والهوى
عبثٌ بمقادير الشعوب ، فتوجّه
إليهم فى قصيدتها "جولةٌ أُخرى"
نداءّ يكشف عن علم
ودراية تلك الشعوب
بزيفِ
صنيعِهم ،
قائلة في قصيدة أخرى بعنوان ( جولةٌ أخرى ):
أيُّها
المحوِّرون لِعُمقِ الحقيقة
الجانحون إلى
دستورِ القشور
لاتُصدروا
حُكماّ بتوقيعِ العبَث
_ فهى
دساتيرٌ خادمةً لأهوائهم
ونوازعهم فقط ،لانصيب للشعوب فيها،
ومايُقالُ أنها تخدم الشعوب فماهى إلاقشور
، شكل ظاهرى يحمل الوهم،لاعلاقة له بحقوق الشعوب فى واقعها، لذا تختم
إحدى قصائدها
بقولها:
حاصرتنى
أقفالٌ أكبرُ من أصابعى
أنقبض
أتقلّص
أنكمش
لأنبسطَ فى
يدِ غُربةٍ متفرّعةِ الأنفاق
قال لىَ
العُمرُ ذات عتاب:
الهزائمُ
شريعةُ من يعتنِق الثقةَ المُطلقَة
..........
بينما ظلِّى
يرانى
نَجمةً غٱفيةً
على جبينِ الحُلم
فقد تُومضُ
من جديد.
_ يبقى الأملُ
مُجَدًدا ، فلا يأس ولا استسلام تفرش طريق الأمل برغم كل
مرارات الطريق
..إنه نداءٌ
إيحائىٌّ خفى..فما تلقاه الشعوب من طغيان وتضييقٍ وكبت، يجعلهم فى صمتٍ......فى
رهبةٍ وخوف ، ويبقى الأدباءُ والشعراءُ
بما لديهم من موهبةٍ وتأثير ، يفتحون كوىً للتنفُّس والتعبير بما
لديهم من حيَل التورية والإيحاء ، وكم شهدت لهم عصورٌ بأنهم كانوا سرَّ
التغيير والتحرّر والنهوض ، وسيظل
الأدباء والشعراء العرب
يستنهضون ويُحرّضون على
التغيير
بكافّةِ
وسائلهم فى التعبير والتعبئة،حتى تنهض تلك
الأمّةُ من سُباتها ، يشاركهم أديبات وشاعرات يحملنَ نفس الرسالة
وأعبائها يداً بيد
، برغم ما يعانين من مرارة ، فالجميع شركاء فى هذا
الوطن ..
عودةً إلى
قصائد الشاعرة نبيلة الوزاني يُلاحظ فيها ذلك التمازج ما بين الوجدانية والفكرية
الفلسفية وأيضا لا تخلو قصائدها من همّ أو قضية تجسّد الهمّ الإنسانيّ بكل مصادره
حتى همّ المرأة موجود بقوّة في قصائدها وكلّ قصيدة تعطينا أكثر من تأويل ....
..فتحيَّة
لكل أديباتنا وشاعراتنا فى كل أنحاء الوطن.
على مساهماتهنّ
التى لاتُنكَر ،
وللأدبية المغربية
العربية
الأصيلة (نبيلة الوزّانى) كل التحية والتقدير.
_________________
حامد حبيب_
مصر