هاني الهندي
حكاية درويش في محراب العشق. (4))
أحمد رامي وأم كلثوم
حكاية حب من طرف واحد
هاني علي الهندي
وفي نفس العام تقرر أم كلثوم الزواج من طبيبها الحفناوي، فكتب لها رامي
قصيدة أغار من نسمة الجنوب، فقالت له: سأغنيها يا رامي.. وفعلا غنتها سنة 1954
ولحنها لها السنباطي.
رغم زواجها إلا أن مسيرة رامي في عذاب حبها لم تتوقف، فكتب لها 1955 أغنية ذكريات
وفي 1958 دليلي احتار، وعودت عيني على رؤياك، وفي عام 1959 بلغ الوجد عند
رامي ما بلغ، فاحتار ماذا يفعل بهذا الشوق والحرمان ..؟، وهذا العذاب الذي لا
ينتهي، هل يضع له حدا بالبعد عن الحبيب .. ؟ هل يملك قرار البعد..؟ ربما، ولكنه
يقول:
هجرتك يمكن أنسى هواك وأودع قلبك
القاسي
وقلت اقدر فى يوم أسلاك وأفضي من
الهوى كاسي
لقيت روحي فى عز جفاك بفكَّر فيك
وانا ناسي
إذن، لم يستطع رامي أن ينسلخ عن رامي، ( لقيت روحي في عز جفاك بفكَّر فيك وانا ناسي)
يا الله، أي درويش أنت يا رامي في محراب أم كلثوم..! " حيرت قلبي معاك
".
نعم، لقد احترت بهذا الدرويش الذي قال عام 1961:
حيرت قلبي معاك وأنا بداري وأخبي
قل لي أعمل إيه وياك ولا أعمل إيه
ويا قلبي
بدي أشكي لك من نار حبي بدي احكي
لك ع اللي في قلبي
وأقولك ع اللي سهرني وأقولك ع اللي
بكاني
وأصور لك ضنى روحي وعزة نفسي
منعاني
مع أن عزة نفسه منعته من شكوى أوجاعه للمحبوب‘، إلا أنه عام 1965 فجر ما
بداخله في من وجع في أغنية "إنت الحب" التي قال فيها:
إنت الأمل اللي احيا بنوره عمره
ما يبعد يوم عن عيني
وإنت الشوق اللي اسمع صوته لما
تغيب عني يناديني
وإنت الحب اللي مفيش غيره لو
يسعدني أو يشقيني
وعمري ما اشكي من حبك مهما غرامك
لوعني
لكن أغير من اللي يحبك ويصون
هواك أكتر مني
ويقرر أنه لن يشكو من حبه مهما بلغت اللوعة والعذاب، قبل أن يعاتبها عام
1972، لأنها لم تسأل عليه لأيام طويلة احتجب فيها في البيت، فقال معاتبا:
ماخطرتش على بالك يوم تسأل عني
وعنيا مجافيها النوم .. النوم يا مسهرني
أنا قلبي بيسألني .. إيه غير أحواله
ويقولي بقا يعني .. يعني ماخطرتش على باله
أمال غلاوة حبك فين .. وفين حنان قلبه عليا
وفين حلاوة قربك فين .. فين الوداد والحنية
فكانت هذه آخر رسالة من رامي إلى أم كلثوم.
حكاية عشق من طرف واحد استمرت 50 عاما
لم يعرض فيها الزواج على المحبوب برغم حبه الشديد، حكاية عشق لم تتوقف إلا
بوفاتها عام 1975، بعدها هجر رامي الشعر
ودخل في نوبة اكتئاب شديدة، وفي حفل تأبينها عام 1976 قال أبياتا تنفطر إليها
القلوب منها:
ما جال في خاطري أنّي سأرثـيها
بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها
قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربني
واليومَ أسـمعني أبكي وأبـكيهــا
وبي من الشَّجْوِ من تغريد ملهمتي
ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فـيها