مريم الأحمد
عزة و الزودة
تركتْ امي اللحم يغلي في القدر.. و
رميت أنا و أختي الكتب و الدفاتر على السجادة،،
أما أبي فقد نشر سحابات الدخان فوق رؤوسنا لتعمي ابصارنا المتعطشة للشاشة
الصغيرة.
نسي اخي الكبير آلام ظهره و قوافل الآهات و المراهم.. حين أطلت المذيعة
الساحرة عزة الشرع،،
مذيعة سورية الأولى..
إنه مهرجان المحبة و السلام و عزة بشعرها السنابل و وجهها السموح الطموح،
ستفتتح أعماله و فعالياته!
قلت،، كم احبها!.
اعترضت أختي بأن قوامها جميل و ممشوق لكن فكها عريض قليلاَ
اجبتها،، هذا جيد لتعطي انطباعاَ بقوة الشخصية و الجدية.
تنهد اخي على سريره.. ليتها تقبل بي زوجاَ
ضحكنا عليه.. ومن أنت حتى ترضى بك..؟
ثم، إنها متزوجة
قالت أمي لا ليست كذلك،، هي لا تلبس محبساَ بأصبعها اليسار..
عرج أخي و هو يقترب من الشاشة ليدقق بيدها...
إنها عازبة،،، و سأطلب يدها..
ههههههه
قوس أبي حاجبيه و تابع نفث الدخان فوق رأس أمي الأشيب..
تلك النظرة..
تلك النظرة ما بين إعجابه الشديد بعزة و تحسره على شبابه... لن أتمكن ابداَ
من الهروب منها..
مثل النهر تجرفني للذكرى.. لوجه أبي الشارد.
بلا مزح قالت اختي،، دعونا نركز.
صفق الجمهور و حنت عزة رأسها للجمهور و تمايلت نحو الكواليس.
الله!
غزالة تخطو على عشب قلبي...
غازلها أخي.
بعد سنين.. في معسكر الصحافة في دمشق و كان عمري عندها عشرين عاماَ.....
مرت عزة بجلالة جمالها و هيبتها
أمامي .. في مبنى الإذاعة و التلفزيون، خفق قلبي كمن يصرعه الحب،، كمن يكومه مطر
الشتاء في حفرة مسدودة..
مدام عزة... مدام عزة... صرخت و ركضت إليها..
كانت تقف أمام المحاسب العجوز تقبض راتبها
احصت المال الورقي من فئة الخمس مائة ام الطربوش..
" بس هيك؟"
قال لها... " بس هيك"
كشفت نظرة عينيها عن شعور بالغبن و الحزن
هل هناك زودة رواتب في المدى القريب؟
قال العجوز.... الأمل كبير... قولي انشالله..
إذن ،،هي مثلنا،، مثل اختي و أمي و مثلي...
تحزن ،،تطمح،، تريد المزيد من المال لتلبي حاجاتها!
ابتسمتُ لها و قلت بخجل،،
انا أحبك كثيراَ مدام عزة.
ضحكت،، شدت على يدي.... و خرجتْ مسرعة..
... مريم.....