جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
باقاتسلوى محسننصوص

باقة من نصوص سلوى محسن

 

باقة من
نصوص

سلوى محسن

مصر



1

تحتشد النساء في البيوت

تحرض النوافذ على البكاء

تمسح الحوائط كل ساعة

لتكف عن الصياح

تلاحق قطة تجري بين الأسرة

كانت ذات يوم

تتعلق بأحذية المارة.

**

من أعلى نقطة في العالم

أنظر إلى الجحيم البارد

بشفقة قاتلة

كعاصفة

كرقم سري في شريحة محمول

أوصونا به وقت التخفي والسرقة

ووقت ينساب الدم من نوافذنا.

**

أيها النبي الجديد

ألديك جنة موازية لهذا الجحيم؟!

هل هي وجودية ..لا دينية!

صوفية مثلًا:

كلهفة الحب على حافة العمر

أيها الوحيد

كثيف التوالد

ترقد على ظهورنا

تقودنا إلى عالم آخر 

**

أنت الشغوف

تباغتنا بقوة فيثاغورث

المسيطر

على انسياب أوقاتنا

لماذا

تحيطنا بعلم الشفقة الأرضي!

**

يعتبرنا العالم فائضًا عن الحاجة

عبئًا على رئتيه

لكنك لو منحتني فرصة أخرى

 سأعيش حياتي بلا أسف

على العالم!

 **

أيها اللامرئي

أراك بعيني الثالثة

الوهمية

تساعدنا على ضبط أجسادنا

الوقت

والجنس

نتحسس الظلام  أثناء النوم

نتناغم مع الكون

تتعلق أرواحنا به

بالطبيعة

حتى يخيل إلينا أن رئتيك

قد أظلمتا إلى الأبد.

**

علمتنا التخلي عن الشم واللمس

عن الحب!

أمسح الباب بيد

وبالأخرى أخنق الهواء المار!

**

إليك نشيدك:

الحب ليس تكئة لإبرام صفقة صغيرة

 بعد قبلة طويلة

و الورود على باب الليل

 لا تعني وعدًا بالدفء

فتقبلوا الهزيمة بجباه عالية

وعيون واعية

و لا تبكوا كطفل ضيع يد أمه في السوق

**

أبكي كامرأة صوفية تخلت

 تمهد دربًا صغيرًا للنساء العجائز

لا يعرن اهتمامًا للفلاسفة

 - قرأت في شبابي أن أفلاطون يحرض البشرية ضد المرأة-

درب

يتعلم الوداع في كل لحظة

يميل من الشرفة فجأة

ليقول لأحد الموتى كلمة

كيلا يتهموه بالتعالي

بعد أن نفد الطحين

الخبز..

 و الأحبة

 من بيته!

2

لأنّ الشفاء كثيف الأمل

نصلح ثقوب الجسد بتوتر زائد

قبل أن ترتبك بشكل عفوي

وتتحول إلى ندبة غائرة

يتورط اللحم بإفراط

ليتجاوز الألم

كمن يهرب من بركة وحل

بجسد ضمرت أطرافه

فنمت له عين ثالثة.

رائحة الدم تقود الرياح

والبدر يجعل المياه

مهرجانًا من الأضواء اللامعة

تنير الطريق  للضياع

في الليالي المقمرة

يتجول القوادون بلا خوف

يتناوبون على فريسة نمت لها عين ثالثة

 تستلقي

 كحية ماتت باستكانة

بخدعة وجودية

لتنجو

تنثر رذاذها الكريه

يسعل القائد على مائدة الموت

فيغادر الجميع جثتها

 يحب المتنافسون الجلد الطازج

الوقت بينهم هو الزجاج الفاصل

 بين دفقة مني وأخرى

في رحم يزخر بالبذور

قاعه مايزال بعيدًا

 كيوم سيولد قبل نهاية العالم

لينفجر

أعيد ترتيب الحجارة

ليس لضرب عصفورين بحجر

كمن يتنفس

 فينكشف سِتره

يزيح الغطاء عن قمة البئر

ليسقط فوقه

أقصد قمر مدينتنا لأنام في ظله

يقضم فأر قدمي اليسرى

أعدو  خلف ظلي بنصف جسد                 وقلب معطوب

تدفعني الأزقة  إلى الشقوق

إلى أين نفر

 وفي كل ركن فأر!

-

3

أنظر للكون من فرجة صغيرة

كغمزة عين

ربما لآخر مرة

أشاهد العالم الذي سأتركه خلفي..

*

في فراغ كبير

 كالأحزان الصغيرة في قطار المساء

تتنزه بوجه لا يعرف وجهته

تترك ظلك على نافذة وتسير عاري الكتفين

تنتظر يمامة تطمئن إلى رأسك

وتنام

*

يصارع القطار زحامًا

يبدعه الهابط والصاعد

أعيد ملابسي الى وضعها المعتاد

أتحسس لزوجة جسدي المشمئز

من فرط الملامسة

والحزن

أفرك الدمع في عيون النساء

*

احبك في أوقاتي الفارغة

قبل أن أطوي الوسادة

 في المسافة ما بين مساءين

هل يمكن أن تقرع الجرس بوَهنٍ؟

أن تدقه بخوف بسيط؟

 حتى لا تجري الفئران في البيت

تسرق بعضي

 تسد به جرحًا صغيرًا يؤلم العالم

*

تغطس القطط في صناديق القمامة

تخرج وفي فمها واق ذكري مثقوب

يحمل خطيئتنا

*

- أعرف أن الخوف من الموت مثير جنسي قوي

وأنا لا أنظر في عيون النساء

شيء آخر يجذبني

*

- الأطفال رائعون  مثل الثروة

- لكن الناس يعتقدون انهم إجابة لشيء ما

الحب مثلًا،

 أو جنى السرور حين نتقدم في العمر

- لا شيء يتقدم سوى الموت

وأنت تدورين حول نفسك الضيقة

كأنك زنزانة

*

نمر خلال الجحيم نؤجل هروبنا إلى الصحراء

ننجو في الأوقات الدموية

حتى لا تتوهم الأمهات أن أبناءهم الموتى

قد بعثوا ليموتوا كمفقودين

*

في شوارع  الخوف الرئيسة

تحيط الأمهات رؤوس أبناءهم بمناشف

لحمايتهم من القصف!

سراويلهم خفيفة

كيلا يغرقوا في أزقة العتمة الرطبة

 لعموم الناس

و يتقلبون على جسدي

*

كم من الدمار قد تبقى

  حتى تكتفى هذه المهلكة

و أموت!

....  .... ....   ..    .

4

تتعطل الأشياء

 كالمفتاح يسقط قبل أن تلمسَه و أنت

تفتح البابَ بيسراك

على سبيل تنشيط الذاكرة.

كالقهوة ملّت رائحتك

وكفت عن إيقاظك في الصباح.

كرغوة سقطت خارج حوض الاستحمام

بتوتر الجسد تنقلب على وجهك..

وأنت تخشى أن تدير ظهرك

للعالم

ينكسر الحوض

فتنسى بقيتك في الماء

*

في تمرين إنعاش حاسة اللمس

اغلق عينيّ لأخلع ثيابي

كالكفيف يتعثر

 في الفراغ..

أعلقّها،

افتح الصنبور كيلا أنسى رائحة الماء

ارتدي ملابسي على وجه الخطأ

كشباك أصابه البلل من بكاء الجيران

فانكب ينظرُ للداخل

*

أشبك في الباب الملابسَ التي تشتاق

 إلى اللحم الشهي

 تفتح أزرارها

تغير نسيجها كلّ يوم في المرآة

حتى ينحل بطول النظر و الانتظار

كرغبة أخيرة في البكاء

*

نعقد صفقات صغيرة كالأطفال الخائفين

 أبيع ثوبى و يشتريه

يترك لي قميصه كأنه سقط سهوًا،

أصنع من أكمامه حِضنًا للشتاء

يدس فستانى في وسادته

 وننام في خبيئتنا،

أقّسِم الغياب

أغرس بين كل عناقين

 قبلة

كما يترك الزارع مسافة بين شجرة وأخرى

كم مرة بكينا

وكم مرة ضبط حزنُنا موازينَ الكون؟!

*

كان كثيرًا جدًّا بما يكفي

لفتاة أخيرة

 ووحيدة..

تكتب بلغة تصلح كشاهد قبر

عن الموت كخدعة  تكسر ذروة الاكتمال

عن إرادة الوجود في الإفلات

كفكرة صغيرة عن الحزن

...   ....   .....  .

5

الفارعات يعانين في الحب والعناق

وفي الحياة

في غرف القياس

وأسفل فوهات مياه الاستحمام

اجتماعيات مؤقتًا؛ كالآنسة الخرساء

في حياتها فضفاضة الصلة انقطعت

أحبالها الصوتية.

مسالمة؛ لا تأكل اللحم ولا تفترس غيرها

حتى ذكورها.

بلسانها تمسح الشوك والهوام عن وجهها.

في عالم مقلوب على عجل؛

كانت الحياة بركة دافئة

وكنا نمتلك عنقًا يشبه عنق الخيل

 والحُمُر الوحشية.

حدثت طفرة فولدت أمي زرافة بعنق أطول

وليس عنقها ما يجعلها طويلة؛

 بل لأن لها أطول أرجل بين النساء

لا تمتلك في رقبتها عظامًا أكثر من الفأر 

و الأرنب،

على خلاف عصفور الدوري الاجتماعي؛

المغرد البريء آكل اللحوم والحنطة!

قصير الساقين،

يقفز لينام في المنازل المثقوبة كالقلوب!

ربما تعتقد أنها لاتجري

فهي لا تبدو كحصان سباق عربي،

 لكنها تعدو كشلال هادئ،

أو كسيارة تقطر شقيقة ماتت

في شرف الطريق،

أو موءودة في نقرة رجمتها العاصفات

وهي كما ترى سرعة مذهلة لكائن

 طويل.

تخطو آلاف الخطوات بصيغة المفرد

قدم واحدة أقرب؛ يبدأ بها الميل

كالفهد؛ كقوس عريض هائل الوثبة تقفز

وبعد دقيقة تستريح.

لا تلتقط المتساقطات؛

كيلا تثني ركبتيها.

فريسة سهلة عند طلب الماء

 من الغدران

تنحني في وضع المُفتَرَسة؛

فتضربها الأسود

 في رجليها وبينهما

حتى يصيبها العطش.

تهاجمها التماسيح في حوض بحيرة

 يشبه قِدْرًا

تَغْرَق الأوصالُ فيه.

شهية للنمور والكلاب البريَّة

 والضباع

تغير طبعها فتحطم جمجمة بركلة،

وتفر من صيادها فرار الظليم الهارب.

واحدة من أتعس الحقائق

أن الإنسان هو ثاني حيوان يذبحها.

أدرجوها في قائمة الكائنات المهددة بالفناء

حفظوها في منحوتات على الجدران

والمتنزهات

ومحميات الطرائد.

فكيف تعيش الطويلات تحت سقف واطئ!

---

6

..

في المساء تخرج القططة إلى الحدائق

يستكين الفشل في البيوت.  

كما يدخل الحصى قلب العواصف

أسير بجناح واحد أتخبط في المكسورين

وفي البكاء نلتئم

تنحني النوافذ وترتفع كما في الحكايات الخرافية

على صدى أغنية

أسمعها ثلاث مرات كل يوم

عن ولد قلبه أوجعه

يتشاجر في الليل المتأخر

حين تزيح جارته سيارته المريضة

تجلس على مؤخرتها تسحقها بلمسات شرعية

تقشر وجهها

تضع مفتاحها في باب يقف خلفه

و ككل يوم تعتذر

أنا جارتك في الطابق العلوي!

لماذا لم يخبرها أنه السفلي

وأن لديه أزميلًا

يفتح السماء فتنزل منها كامرأة

لماذا لا ينتظر حتى المساء

ليسقيها

يرتوى من عينيها وجسدها الملتوى

كسلم بليت درجته الأخيرة

يتلكأ جامع القمامة عند بابه

يمتلئ وجهه بأسئلة تشبه الندم

أين صندوقك؟

ألديك أجنحة وحيدة؟

قلوب مكسورة؟

بعض السراويل المستعملة ؟

أكياس ورقية ؟

حزمة من كتب قديمة؟

أغنية بالية ؟

امرأة ترتدي قمصانًا قصيرة بأكمام عارية

أو تلبس جلدها؟

ألا تشرب البيرة أو المياه المعدنية؟.

تصعد أسئلته إلى الله

و تنزل مع أغنيته

و جامع القمامة كل مساء !

تشرب قهوتها

كبلدة ينتصب الحزن على أبوابها

 كشواهد القبور

ينطلقان في الدردشة عن أي شيء عادي...

يبحثان عن الحياة في صفحة بيضاء.

كحفار آبار قديم نفد الماء منه

يتحدثان ليواجها النسيان،

يتكلم من تحت التراب ليطول لسانه

و ينقذها من العدم.

تتكلم لتفرك الصدأ وتنجو من جنته

من حاضر يمتلئ بالماضي !

 ليس بمقدوركَ

أن تكون غاضبًا وبارًا في نفس الوقت،

 كل يوم

وكأنك تختار أمك!

 تلمسين الأرض بأطرافك لتحمي وريدك

 من تعطل الدم.

متى تحلِقين

وكأنكِ رحم في تابوت؟

تنحرف عن خطك المرسوم،

ليحظى القاتل والمقتول بقبر واحد؟!

حدثونا في قاعات الدرس عن الخيال

وفي المساء يضربوننا

كمهزومين في اختبار الانصياع

كبُرت بصدر ممنوع من المد

بيدين تحترقان من اللمس

قرصوا أذني لأتعلم الإنصات فانكسر حلقي

أسير حافية

كيلا أضل الطريق إلى صوتي

 إلى الليل.

أنام في قلب مسطح قليل التهوية

أفقد تركيزي كحبة رمل

ضلت طريقها إلى جوف محارة

لم تتشكل في الكبد الرخو لصدفة

كحفار قبور يتوه كل يوم

 في جبانة!

7

يبرد النص فننساه

نطوي العمر أكثر من مرة

كتطور طبيعي للحياة

نعشق ببطء

نفتح الباب ببطء

نسحب الغطاء  ببطء

نختار الموسيقا القليلة في الصباح

نبتهج برصانة  كأننا رأينا الحب

نشعل النار كثيرًا لنعيد الكوب فارغا

*

حياتنا قصيرة

 كشمس تريق دمها في أفق الغروب

و كوننا متحابين

لا يعني سوى السعادة البسيطة

 الحنان

مكابدات الوله والأنا

وما نعرفه عن الروح

أشياء تلقى تبجيلًا

لكن الطريق لا يؤدي إلى فراش

 أصطحب إليه رجلًا دون أن يثار العالم

*

لا أخجل من النوم

لكني لا أعرف كيف ينام الناس

فأنا لم أنم منذ ثلاثين عامًا أو يزيد

كيف نام الكلب ثلاثمئة عام

وهو لا يعرف كيف لا ينام الإنسان

ثلاث مرات  في العام

*

كنت صغيرة

أنام على ظهري

ارفع رجلي لأعلى  فتضحك الأسقف

حين ينعي أبي ابنته السَّقْطُ

- ماهي وظيفة الساقين في النوم!

- نضع بينهما وسادة تمنع احتكاك العظم بالعظم

ورغم مخاطر المشي بلا شغف

نبحث عن شيء نتعثر فيه

ننسى الفكرة لنكسِر أطرافنا

*

الطريق الى الموت شاق كالحب

تملأه الحجارة

وانا أبحث عن مثوىٍ من تراب

أو حِضن حبيب

اعرف دروب الكتابة جيدًا

أعرف كيف تكون الكلمة حصاة

تحمي الشجرة من السقوط!

*

يقولون في الفم ماء

و أنا حوضي ملأه  الكلس حتى أغلقه

أمد يدي أكسر الملل

أشق نهرًا صغيرًا لأغرق في شربة ماء صغيرة

*

لست حكيمة

لكني لا أشارك الخبز

 بشرط صغير في الفراش

يكفي لنصف حياة

*

نهدان صغيران بحلمتي عذراء

لم يفركهما أحد من قبل

بالكاد أرضعن مرتين

فبقيتا ورديتين

جلد ناعم

 لم تمر عليه أنفاس خشنة

بطن قليلة

سقطت سرتها في فراغ 

ترتعش فتهتز السماء

تسقط  فوقها العصافير

تفور الأرض وتدور الشمس

*

يبتر الفائز منا الأصبع الوسطى  للمهزوم

ليتوقف عن الرماية

ثم تنقلب الآية

تغمر الضفدع  فكها الأسفل في الماء

 لتبدأ في النقيق!

8

*

لا يمحو الدواءُ مشاعرَ الألم

لكنه يعطلُ الإحساس بالفجيعة. 

أنشغل بنقر بيوت الذاكرة

في الفصّ الصدغيّ  من قشرة المخ.

في الأجسام الحلميّة،

و في المهاد والجهاز الطرفي

أبحثُ عن كتف سقط مني

لا أذكر أين!

*

أواصل شحذ المخ

بتوصية  أطباء الذاكرة الطويلة

تلعبُ القطط  بنظارتي ذات العين الواحدة

والذراع المكسورة

 يتعرى  جسدي وأنا أجر الحوائط

وأحني الستائر على النوافذ

لأحلمَ 

و أجد سببًا وجيهًا للموت

*

لماذا تشحذ الذاكرة من العقل

وليس من رِجل تبحث في الغابة عن ظلٍ

 من خصر يُنبت الزهر، 

من كتف يحمل الباكين كل يوم،

من فم  يشرب الزلال بثبات وبطء،

لتندية العظام والبهجة

من جلد مغمور منذ قرن في بئر

لا يمتص الماء كيلا ينفجر

فجف..

*

أحمل جسدي كصرة المهاجر

لايدري أين تحط به،

اشربُ النهرَ كيلا تجف ذاكرتي

ولا أعرفُ متى  أصطاد السمكة!

...   ....   ....   ....

9

**

الصعود المنفرد موتُ واحد

و أنا يداكِ المرتعشتان

لنخرج حجرًا من قاع البئر؛

أوصيكَ أن تدس هرة في سروالك

تعلمك الموت في الوقت المناسب

لتُدَمر الأشياءَ بواسطة إلهها السري

**

أكتب على الحقيبة كل صباح

تعويذة خفيفة

لن ينجح تسلقك مالم تعد سالمًا

**

في الموت السابق:

في لحظات النسيان القديمة

يبكي المرء ليلًا فيجوع

كأعمى يطفىء المصباح لينام

ويمضي في طريق

**

أخذنا على عاتقنا إفراغ النهر

لنحصل على ضريح

يحتضر الماء بأفكار القاع

بجرح قديم أسير على كفيّ

كقردة قسموها نصفين

**

لا أعرف لماذا سرقت رجلي من الظلام

مسمارًا

ولا متى علقت عليه أحزانًا مبكرة

و غفوت،

وأنا أحمل إثمًا بقيود خفيفة

في استفاقة قصيرة

أرش الملح خلف الأكتاف

لطرد الحظ السيء عن طفلة

تعود من الجنازات إلى كارثة الحياة..

**

على الحياة أن تبرر الحب

بفضلة الحياة

رأس مغمور في التراب

يفضل أن يعيش كعشبة ضارة

على أن يموت كزهرة

وكأن ارتكاز الجذر في الدفء

يجعله أكثر جلالًا وفرحًا

و كأنما حدث لك شيئان جيدان

تحزن لو حدث لك ثلاث سيئات.

**

تنوب عن ذنوب الآخرين بموت ناقص

يمارس شهوة الخروج من جسدِك

بينما ظلك لا يفارق الحائط

يتفرغ العالم لقتلك دون هيبة

كإله أخصى الأرض وفشل في تكويرها

وسقط حين رفع السماء بيد واحدة...

...   ....   .....   .

10

**

في عمر الكلام الصغير

كانت تشير للعصافير بكفها

ثم تجلس القرفصاء

تقفز خلف النمل واحدة واحدة

تدفعه بأصبعها تتبعه كما تقود العصا الكفيف

- الى أين يذهب

- الى مملكته

- اين الملكة

- تجلس على العرش

- ماذا تفعل

- توزع الأعمال

- لماذا لا توزع عليهم السكر..

 وأين الملك، ماذا يعمل؟

- ينثر عطره على الملكة ويلهو معها

*

في السادسة قذفت الحقيبة وقفت فوقها :

- اليوم وضعت رغيف المربى في طريق الشغالات،

تعثرت فيه ولم تستطع حمله

- لماذا أعطيت خبزكِ للنمل؟

-لأن قطة المدرسة لا تحب المربى !

*

حاضت و سمعت:

- اليوم عرفت قصة النمل..

- ماذا أعجبك؟

- جاء الجند يقتلون الشغالات، يحفروا مساكنهم

ليفوزوا منها بالغلال

ابتسمت إحداها للملك ونبهتهم،

جرين نحو المملكة،

لماذا تحتمى الملكة في العرش

ويموت حُماتها وحاملات الطعام،

يعيشون كقرابين لها؟

*

في عمر الحب

- اليوم لبست حذاء التجديف

وجدته مليئا بالشغالات عومتها فى النيل

فضحك حبيبي..

- آمل أن تذهب في رحلة مائية

ترسل لنا بقية النهر الغائب   

أو تركب قوادم طيور الماء فتصير كائنات أخرى

*

في عمر الشغف والحزن قرأتْ:

- لماذا أرسل الملك الهدهد للملكة؟

لماذا لم يرسل الفهد أسرع الثدييات،

 أو الجني الطائر كالسهم

 أو الخيل التي يمسح  على سيقانها وأعناقها محبة،

 لقتالها في سبيله؟

- نتف ريش الهدهد لأنه تأخر!

و ذبح الخيل لأنها أخرته عن الصلاة

 *

- هل كشفت الملكة للملك عن ساقيها؟!

وكيف ينام مع مئة كل ليلة،

 لم يحمل منهن إلا واحدة،

جاءت له بشق رجل ،

كل الكائنات تتعبد، فمتى كان يفعل؟

بالمناسبة، هل تعرفين ماهو مذكر نملة؟

- الشَيْصَبان،

يبزغ من بيضة لم يمسسها ذكر إكراماً لنقاء الملكة

وهدية لها

  *

كان الملك متكئا على عصا يراقب الجن يبنون مملكته، ومات

 - مات متكئًا ؟

- لمدة عام ظلّ

- ولم تهتز له جثة ؟!

لم تتحرك دابته، ألم تجوع، ألم تعطش؟!

 - لم يعلم الجن أنه مات، ظلوا يعملون خوفا منه..

-  والمئة زوجة، ألم تقلق منهن واحدة؟

- جاءت الأَرَضَةُ، دابة الأرض ،

 دودة بيضاء بحجم النملة، أكلت عصاه فهوى

- هل ابتلعه ثقب اسود؟

- يحيا الملوك ويفرحون برعايته

- لماذا لا يبهجنا الله كالملك؟

- بمئة رجل؟

- بجميل واحد لا يشتهي مئة!

*

ما ذا لو أن نيوتن كان نملة دهسها الجنود

أو أن تفاحة سقطت على رأسه فغشي عليه

ما الذي سيجذب ذهنه إلى الأرض

مالذي سيظل شاخصًا من لحظاته غير الموت؟

...   ....    ......   ...........  .

11

-------------------

كنت قد ادخرت الحزن لمساء

الليلة الرابعة والعشرين

بعد ثلاثة أعوام .

في الفجر

تعلقتُ بمشجب بجوار الباب

أترك عليه روائح وأصوات:

أبناء

آباء

و أمهات

يعودون معي كل ليلة من هناك

وحده

مازال عالقاً بكفي

يوم كان يلتقط كرات الغاز

يجري

ويضحك

كانت البهجة (عصارة البصل)،

ماء،

 و (زخات كولا)

تلمع عينه

يتقوت بنظرة مني

أخبئه في قلبي

هل رآني حبيبته

أو أمه!

لا أدري

غير أن نبضي كان يجري

كلما ارتاحت عينه

على صدري

التقف الكرة الثالثة

ولم يعد.

خفتُ أن أسأل،

وهل تسأل وأنت تدمي.

قطرات من دمه

على كُمي

دمعه وخبيئةُ صدره

تعلقوا بثوبي

حين كنت أجري خلفه

بترياق

في مدخل الخرطوش

والرصاص

قال اتركيني

أنا الفقير

أتلقى عنكم الدمار

لا أحد بحاجة لي

اتركيني

حتى لا يلوث شعرك

الغاز !

كنت قد ادخرت الحزن للمساء

ناديت

أنتظرُك

فى ركنِ بجوار المقهى

كنت تشرب  فيه وتأكل

لقيمات تخبئها كيلا يرى أحد

فقيراً يغني

و يأكل الخبز جافًا

ادخرت قليلاً من البكاء

لأنتحب في أرجاء الميدان

ناديتك

أنتظرك

هل تراني

أسمع صوتك

صهيلًا

يملأ قلب حصان صغير

فتشت الأرض عنك

حذائك الفقير

انتظرت على الإفريز

علني أراك

محمولاً

مرفوعاً

أو تطير

خبئتُ في كفي دمعة

تكلمت إلى الحائط الكبير

رجوته أن يحفظ ما تبقى منكم.

 أشتم ظلك

حين كنت تراني أبكي

وخوفي يتناثر على وجهك

شرعت وشاحًا فيه بقايا منك

و أطلقته في السماء

قالوا :

لا تبكي

فقد رحل..

تركوني واستداروا

يستأنفون الرقص والغناء

26 يناير 2014

12

                    أضحك كضبع صغير

مِتُّ قبل ذلك مرتين

أنشر رائحتي ليسرعوا في دفني

لا أضع اسمي على شاهد

كيلا ينجذب إليّ موتى جدد.

حاولت كثيرًا ألا أحدثكم عن الُيتم

لأحفظ للأمومة هيبتها

أمرر السنين دون أن أنسى وجهي

 في لمعة الحزن

وهم يعدون النساء لحمل السلاح

بحثًا عن نهر.

السرعة في الحرب ليست مهارة

إنما الطيران رأسًا على عقب

 كاليعاسيب

ترى العالم كما ينبغي.

أهرول بين مدينتين

كفرس نهر حائر بين الرمل

ومستنقع جاف.

تسألني:

كيف تحمي فرسة النهر وليدها

خارج الماء!

لا تعبث المفترسات

لكنها  ترقب ضحيتها بعين عابسة

تبتسم  الضباع

حين لا تشعر بمُتعة البحث عن ضحية

يتبع الذكر أنثاه

ينافسها على الفريسة ضاحكًا.

في حروب العشب أهش

 مثل ضبع صغير غير راض

 عن نصيبه من الأرض والماء!

الطويلات رؤوسهن عالية

نظامهنَّ الدّموي معقّد بما يكفي

بحاجة دائمة لقلب يضخ بعنف

حتى لا يمتن بدءًا من الهامة

قلبُ عنيف يمنعُ انسياب الدّم

عندما يحنون رأسها على المذبح.

يناديني الطبيب، يا عالية:

أوردة ساقك ضيقة للغاية

لا أستطيع منع الدّم من التّجمّع

في أظافرك،

تلك التي تبعد خمسة أقدام عن قلبي.

لا بد أن أستغني عن بضعة عظام

من ظهري لأُرضي الأطباء!

بسيطة هي حياة الدجاج

يمكن للأنثى أن تغير جنسها

 بطريقة تلقائية؛

خصية في اليمين،

مبيض في اليسار،

ينمو أحدهما ويبقى الآخر حزينًا

 ينتظر دوره في الحياة.

يتورم المبيض  فتزدهر الخصية

تصبح الدجاجة ديكًا

أحتفظ ببيضتي على قدمي،

لأني لا أعرف كيف أبني عشًّا.

شأنٌ آخر للكائنات التي أعرفها

أبتلع الصخور ليحظى جسدي بثقل مناسب

يضمن لي

 أن أعيش حياتي في القاع.

فرسة

لا تمتلك عظامًا في رقبتها

يقطعون ذيلي.

 لتموت.

لا تنكسر.

ولا تضطر للانحناء.

في ليلة عشبية

تحولت إلى فيل يبكي متى شاء،

أنام على جنبي أؤمّن لنفسي ساعة

إن لم يُهمُلني حارسي.

وحين  تأبي الذكور حراستي،

 أنام بعين وأعطيهم الأخرى.

أتنفس من رجلي كسرطان يسير على رمل ساخن.

وعند اقتراب الجحيم

ألسع نفسي

 أموت كعقرب يائس.

يقابل المرء مليون نملة في الجذوع الميتة

تحت الصخور أو فوقها

في تجاويف الحياة الميتة

أو في عفن الروث

تشطر الحبوب نفسها نصفين،

كيلا تنمو كمثل حَبَّةٍ تُنْبت سبْع سنابل،

تأسر النمل في بروج السماء.

تكذِبُ الأرض والأنهار الحية

 ولا تؤتي قمحًا!

13

.........................................

عُودي بطيئة إلى ابتسامتك كأنك تعودين إلى البيت

ادَّعي أنك لستِ أنت وامشي بطريقة مألوفة

بعد أن اعتقلك الموت

انزلقي على ركبتي واسرقي نفساً عميقاً

لأتخفف من وثنيتي كامرأتين في محنة.

في انتظار الخرافة وباقة ورد

أبعدت كفيها وخاتمها الياقوتي عن ظلي النحيل

وارتفع صوت أغنية رغبة في النوم

قالت لي أمي أن تكوني شاعرة لابد من أن تكبري

وتعضي كالنساء حين يقبلن رجالهم

لكني لا أعرف ماذا أريد

فليس لديَّ مخالب ولا أجنحة

لا حجر أرجم به خطيئة واحدة

فقط الغناء وصرخة وحيدة من الموت إلى الميلاد

فتحت الأبواب والنوافذ كأني أخلع ملابسي

أنا الآن في النور ارتدي جسدي بكِ

وأشرب الماء منكِ

فعانقيني كأني في قلب العاصفة

وقبليني كأني أشاهد الشمس في وخز الليل

الصمت والهمهمات القديمة

اللحظات المؤقتة والأبدية و الجذور الملتوية

وكر الحزن في رشاقة الخريف والشتاء

الكلام من قبيل المصادفة

الضباب ينتحل الذاكرة

الحريق يُستهلك سراً

الألم وقسوة انتهاء اليوم دون أن أراني

في الفاكهة المتشابكة الآيات

جنون العطش وفم على فم

الصبر في ممارسة الحب الذي لا يبدأ

ورقة بيضاء في كتاب

حديقة تغفو على فيئها دون مسافات.

جريئة وشجاعة في الخيال ليوم واحد ولمرة واحدة

خاسرة في الخطوات

حمقاء معجبة بالملذات والعاج السلس يبلغ منتهاه

متوازن على خط متعرج بين أرداف الحقول

وعلى بابك أنا العطر المُعلن حين قتلك و مرَّ

دون أن أراه في البكاء والرؤية والحُلم

في الحِضن الشاحب الممتلىء بالوحشة حتى الموت

في عين تقتلع حلمات الانتظار

أنا المجنونة بالنقاء والدنس والأقوال المجردة

لم يبهرني شلال المياه من قميصك

و لا أستطيع طرق الباب فقد أغلقته على أصابعي

لا أجد مفتاح بيتي و الباب خلفي

الغرفة بعيدة ويدي على وجهي دون تهَجُّد

الهواء هو المسافة بيننا

سأنتظرك بغض النظر عن الحرب والموت

والأراضي المغلقة

كأشياء تبدأ في النوم

ضع يديك على صدري وقرب عينيك كما لو أني نائمة

تذكر أن الأزرار المغلقة لا تكفي لالتئام الجرح

القليل من عطشي الكثير منك

الصمت و القبلات التي ادخرتها لك

تحت القناع

شفتي رشفة واحدة دونها الهباء.

صوتكِ بداية الصَبا

المد والجزر في لسانكِ

شاطئكِ الأكثر هدوءاً في الصيف

كلما ذهبتُ خطوة وراء صدركَ أختزل أنفاسي

ما أنا بقريبة كما لو كنت أسأل عن إعصار

كأمر بعيد المنال

أتمنى المشي دون قلق كشقيقة للأشياء العابرة

أنطوي تحت صدرك كدوامات الريح

أمنح المسافة قوة الوردة

زنبق الماء والصمت الساحر

النجوم تحجب هفوتك

والكلمات المستهلكة تتراكم كصهريج ماء

يسمع صدى جوفه

صوت الخشخشة خادع كأننا نشرب الشاي في الصباح

جريمة البقاء متيقظين وفي أيدينا حفنة من المفاتيح

قد تفتح باباً أو حديقة،

حقيبة أو قبوًا نخفي فيه الطعام

أو سجنًا لقتل الوقت والملوك

إنّ مصيرنا زاوية ضيقة من البيت

لا تخفف عني الشوق

حين أبدو مثل مغنية تبكي بصوت ساحر

ولأنها ليست مغنية ستنسى الغناء فورًا

أرقصُ معي في الظلام كالحروف الساكنة

شفاهي المهشمة تتمتم بحروف العلة

تحفظ لكِ حصة في أسراري

مراكب ورقية على الجانب الآخر من الأفق

قطة تهس وتلعق الليل

تنظر إلى الأجنحة التي جُردت وأختفت خلفكِ

خذ مركبك واعبر نهرك

أغسل شفاهي في براكين الأرض

أحمل سرك بعيدًا كأنك من يعرف وجهك

ذراعيك وسيجارتك المطفأة

اصطفاف الكتب في رائحة المساء

كالسقم

بعض الوقت موت وبعضه ليل.

الذكريات المؤقتة فجوات لا تفي بالجواب

نسيَّت ما يهز النقاء والمجون

المطر ونصف الضوء.

لا تبدأ رحلتك بأن تقيس الوقت

فقط اِعبرْ من بعيد

من مسافة ليست هادئة وبدون تباهٍ

كأنك تفتقدك!

14

يسقط العاطفيون وهم يفعلون شيئًا يعشقونه

يجمع حرف العطف بينهم

كمن يقضم أظافره انتظارًا لما بين الواو والفاء

الحمقى منهم لهم صوت أجوف؛

كفراغ في جذع جاف

برنين مختلف كصوت الموسيقا

 في الخشب؛

القصب للناي والرباب الصغير

الماهوجني للعود والفيولين

يزرع العاطفيون توت العُلَّيْقِ بين الأرض والسماء

في رواية أخرى يعرفونه

بأنه نبْتة شائكة الأغصان يقال أنها العوسَج

يجنون ثمارها

و بعد أن تصمخها الشمس تحترق

على صورة طفل هارب من شجرة تشتعل

احتفر الغراب فيها عشًا

حتى أثقلها بالبكاء.

تأكل الطيور الإبر وتطرح زرقها في الوادي

فينمو الشوك باتساع العمر،

يشد الأرحام المرتخية بنفي الأبناء.

يصنع العاطفيون من العوسج نُزُلًا

يأوي النازحين والهاربين

ومن يعيشون الحياة بالحصة والقسط

ينشب جمره فيهم

ليدفعوا ما تبقى عليهم من وقت

بحنو، بلطف بالغ وإشفاق!

يتجلى الله في بعض الاشتقاقات

حنان

وتحنان

أكره الحنَّان في صيغة المبالغة

كالترانيم في ساحات النحيب

كالسهم يُصَوَّت إذا دوَّرته بين أصابعك

يُقْبل على من يهرب منه

كالعاطفيين

يعود العاطفي للحياة بكسل

يجلد ظله على الحائط

يخرج من القبور

يمشي في الجنازات

يحظى بالالتئام في زحام الرحيل

يمارس طقوس البكاء والشوك

يبتلع كلمات قديمة

كالنهر

الفراش

الشجر

والحب!

....

سلوى محسن

مصر


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *