صلاح عبد العزيز
وداعا يا صاحبى
أحتاج لسنوات كى استوعب ما يحدث فى هذا العالم فالذهول والحزن يجعلك بطئ
التفكير تعيش على الذكريات ذاهلا مما يحدث بين الموت والميلاد من حياة تنتهى بصدمة
ومفارقة هائلة أظل فى ذهولى سنوات طوال أفيق أو لا أفيق أستوعب أو لا أستوعب كيف
يمكن لكل تلك الحياة المتدفقة أن تنتهى أو لا تنتهى وهل يموت من مات بداخلنا أيضا
بالطبع لا يموت من فارقنا بجسده فقط وما بين ذلك وذاك أعيش كما ميت حى يلتقى
بأموات تركوا أثرهم فى النفس حتى ما عادوا أمواتا من كثرة زياراتهم تركوا نقوشهم
على حجر حياتى المضمحل ..
وداعا يا صاحبى
لو أن لى الحكم على حياة قضيتها فى صحبتك تمتد من عام 1994 وحتى توديعك إلى
ما لن أذكره من النهاية وانسدال حائط من الحجر ليس على شخصك بل على قلبى الكسير
أجد نفسى كأنما روحك هى روحى فى تلك اللحظة التى تشيعك إلى مثواك وأنا أدافع
البكاء وأتذكر يدك الدافئة بمحبة لا متناهية المصافحة بذلك الذى يشع منك واحتضانك
لى كلما تقابلنا فى المقاهى المتعددة أو فى البيت أو فى الشارع فى زيارات متبادلة
ذات مساء أو ذات صباح يشبه الفراش ..
وداعا يا صاحبى
أو ليس لى أن أبكى بحرقة دائمة
أترك بعض ذكريات على باب العالم
علها تنبئ عنا
فى أعوام كثيرة
دلفنا من بابه
كنت تحت جناحيك فى ظهيرة قاسية
تحملت عبء ضعفى وابتلاءاتى
تحملت يا صاحبى من لا يحتمله أحد
وداعا ياصاحبى
كنا ننشد الأشعار وتتجمع علينا العصور والشعراء والشخصيات الروائية الصفات
المكنونة فى البشر بين أيدينا تعلمنى كيف أخرج من جلباب أحدهم وكيف أدخل بتذكرة
ذهاب وإياب وكيف يحتفظ السجين بعقله فى عالم من الجنون المحض تأخذنا الشوارع
بانصهارات ذاتها فينا والحكايات التى تدخلنا حتى أصبحت يقينا معلما وأبا وصديقا
كأنس وبراء وشيماء ..
وداعاً يا صاحبى
أو ليس كل التوهج
من شمس فى الليل حين
أجبرنى الطريق إلى هوة
هى الحياة بأفعالها كرماد أنا
قطراتك تشكله
فكان الشعر والنثر وما يشكله لنا محاولة البلوغ للكمال الإنسانى فى ثوب ذلك
العالم الأسطورى فى رواياتك وقصائدك ونصوصك ..
أعوام كثيرة مرت كلحظة ..
وداعا يا صاحبى