ميرفت أبو حمزة
ما لا تعرفُهُ عنّي
في ركنٍ ما من هذا
العالمِ
سوفَ تجلسُ في ظلِّ شجرةٍ
ما
سوفَ تذكرُني وتبتسمُ
بحزنٍ عميقٍ
دونَ أن تعلمَ أنكَ كنتَ
في تلكَ اللحظاتِ
تحتَ ظلالي حينَ ذكرتُكَ
فأَوْرَفَ ظلّي
على العالمِ بأسرهِ بينما
كنتُ أدّعي النسيانَ ..!
أنا لا أتقنُ النسيانَ ..
لكنني أجيدُ لعبةَ
الاختفاءِ
في الأماكنِ والأشياءِ
التي تحيطُ بكَ ..
الاختفاءُ في حديقةٍ
عامةٍ بينَ الظلالِ المتشعبةِ ..
في معطفِ أيِّ امرأةٍ
على هيئةِ عطرٍ
مراوغٍ ..
في أي زهرٍة عزمتَ على
تنفُّسِ عبيرِها أو لثمِها ..
في الدفءِ الذي قد
يعتريكَ ..
وفي البردِ أيضاً ..
أنا لا أتقنُ النسيانَ ،
صدّقني ..!
لكنَّني أتقمّصُهُ حينَ
لا أكونُ جزءاً
من تفاصيلِ يومِكَ
المُتعِبَةِ ..
وعن التفاصيلِ :
كنتُ أريدُك حرباً أنا
فيها الساحةُ
وكلُّ الخصومِ والجرحى
والقتلى ..
كنتُ أختلقُ معكَ أيَّ
مشكلةٍ
كي نغرقَ معاً في مأزقِ
الحلولِ
كنتُ أريدُكَ البحرَ
بعمقهِ
وكذلكَ العاصفةَ التي ستمزّقُ
أشرعتي
وتقلبُ عليَّ
الزورقَ ..
كنتُ أريدُك فضاءً أزرقَ
..أزرق
كي أفرِدَ فيكَ غيميَ
أجنحةً بيضاءَ ..
كنتُ أريدُك البئرَ الذي
سيوزِّعُ "أحبُّكِ"
بالدلوِ على كلِّ حقوليَ
اليابسةِ
كنتُ أريدُك قبراً ..لا
أكثر
أنا حيطانُهُ وسقفُهُ
وبابُهُ الوحيد
وكلُّ الجثثِ التي قد
تدفنُ فيهِ ..
كنتُ أريدُ أنْ أكونَ
ضفافَكَ أيها النهر
أردتُ أن أكونَ جرحَكَ
الطويلَ
الذي لا يتوقفُ عن النزفِ
إلا حينَ يستحيلُ بحراً
أردتُ أن أكونَ تشظّيكَ
على هيئةِ موجٍ يبكي
كنتُ أريدُك أن تكونَ
عاماً كاملاً
بفصولهِ الأربعةِ
..أردتُكَ دهراً بكلِّ نوائبِهِ وأفراحهِ
..
أنا تلكَ الشجرةُ
البعيدةُ فوقَ تلّةٍ مستوحشةٍ
أمكثُ خارجَ تقويمِ
الأزمنةِ
وأحبُّكَ ..
__________________
ميرفت أبو حمزة
من ديوان "خواتم بلا
أصابع"