محمد حبشي
¤ كَبُرَت غرفتي في السِن ..
.........................................................
.
.
كبرت غرفتي في السن ، لم تعد تطيقُ ضجيج الريح ،
سعال الموتى ، ثرثرة أفكاري المزمنة ..
صرير دوائر الدخان ،
عندما تفتح
لامرأةٍ فاقدة الوعي ،
نوافذَ الشك ، أبوابَ قلبي المغلقة ..
الفوضى
التي تجلبها
آخر الليل مشاعري ،
حين تأتي من حانات المجاز ،
تستند على كتف
قصيدة عاهرة ، فقدت من أول كأس بكارتها ..
كبرت
غرفتي في السن ،
لم تعد مساحتها الصغيرة ،
تتحمل المزيد من الذكريات المؤلمة ،
التي تحملها فوق أسطح الدواليب حقائب الموتى ،
صناديق الحزن الفارغة
من النسيان ،
أحلامي المركونة من قبل الميلادِ على الرف ..
كبرت
غرفتي في السن ،
لم تعد ابتسامتها قادرة على إخفاء جروح الزمن ،
طعنات المسامير النافذة ، خطوط التجاعيد ،
ولم تعد الجدران ،
تتحمل
رسومات أطفالي الملونة بالكاتشب ،
وجه كنتاكي المحفور
على ظهر عمال
الدليفري ،
بالشوكة والسكين ، مع الرقم الساخن لملاك الموت ..
صور الراحلين التي تشكو من تراكم الغبار ،
خوفهم على ملابسي العارية ،
التي تفترش
في الشتاء الأرض ، من إصابتي بالروماتيزم ..
كبرت
غرفتي في السن ،
ولم تعد أسلاك الكهرباء ،
المدفونة كرؤوسِ النعام تحت البلاط في الرمل ،
تتحمل ألاعيب التيار
المتردد ،
الذي يلهو طوال الليل بمفاتيح الإضاءة ..
جهل مفكٍّ سادي ،
يمارسُ
تحت أعين نجفة من الكريستال ، تعذيبَ لمبةٍ عذراء ..
جنون سكينة معجون تراوغها الشقوق ،
عصيان الشروخ
لأوامر
الضابط المشرف على الطلاء ..
بكاء نتيجة حائط ، أدمنت فَقْدَ الأيام ،
شعور ساعة مجاورة بالذنب ،
حين تبث
- أثناء الدوران - عقاربها في شرايين الوقت السم ..
كبرت
غرفتي في السن ،
لم يعد سقفها رقيق القلب ،
يتحملُ دموع
اللاجئين ،
التي تروي حكاياتهم حديقة السطح بالأحزان ..
هتافات النفايات لعلب الكانز ،
أثناء مباريات
( توم وچيري ) التي تقيمها كل مساء
الريح ..
تحرش الطيور الجارحة بأطباقِ الدِش ،
دعاء العصافير ،
بألا ينقطع الإرسال ،
حين يراقص الهواء ملابس النساء الداخلية ،
تحت ضوء القمر فوق حبالِ الغسيل ..
كبرت
غرفتي في السن ،
ومازالت النباتات التي عاشت في الظل ،
تموت دون أن ترى ضوء الشمس ..
كبرت
غرفتي في السن ،
ومازالت تفتش كعادتها في جيوب قصائدي ،
علها تجد تحت وسائد الأحلام ،
رسالة حب مشفرة ،
كتبها
ظلي أثناء الموت ،
بالحبر السري على جدران غرفة العمليات ..
كبرت
غرفتي في السن ،
ومازال قلبي المفتوح ، يمارس كل صباح ،
على أجهزة التنفس الاصطناعي
تدريباته اليومية ..
مازال
لا يغلق بابَهُ في وجه امرأة ،
يحتفظُ ب بصماتِ
أصابعها ، خصلة من عطرها ،
تتدلى من صور الأشعة ، على زجاج خاطره المكسور ..
محمد حبشي / مصر ..