محي الدين محجوب
***
أفكّر كرضيع
..
تنازلت عن حصّتي من الحبّ
لقلبٍ يكفي أنّه يعرفني
يمسح بيده الملائكيّة على رأسي
ويمرّن وجهي
على الابتسام لأغنية
تمطر برضاب الصّباح.
تنازلت عن الجنّة لطفولةٍ
ربّتني على صدرها
كي أصير شاسعًا
وأنبت في قطرة ضوءٍ.
تنازلت للخلوة عن بابٍ
أكلته تجاعيد الأيّام
لا أريده يكبّل خطوي
بفردة حذاء واحدة.
تنازلت عن الشفافية لشاعرٍ
خبّأ أغنيته في صوتها
فابتلّ خياله ببهجة الله.
تنازلت عن الماء لبئرٍ
صمتها الفضيلة
تنزّ من أثداء الحياة.
تنازلت عن رقصة تشعرني بالدّوار
لجلال الدين الرومي
يداه مشرعتان تشيران لي
شمسه نافرة لا تلهيه عن مكاني.
تنازلت عن حديقةٍ
كبرتْ في قميصي
لم تعد تغيض القبح.
تنازلت عن الكراهية
لعبوة ناسفة.
تنازلت عن لساني
لشحّاذ السّكاكين.
تنازلت عن البصر الحديد
لنافخ الكير.
تنازلت للشّارع العام
عن متسوّلٍ أكثر ثراء من مصرف.
تنازلت عن الحياة
لرحم مصابةٍ بالعقم
وأُفكّر كرضيعٍ في هدهدة أمّي.
..
... .... ....
محي الدين محجوب
ليبيا