قصائد بغداد 1
مفتتح:
هناك
على الجرف:
أسرابُ طيرٍ تمرّ
مواكبُ هادرةٌ تعبرُ الجسر
شمسُ حدائقَ خضراء يأكلها الماعز
شمسُ حرائقَ سوداء
والطرقاتُ حدادٌ إلى الله
والله يبكي
و ظلّيَ
ظلاّن سارا على الشطّ
والنهرُ أحمرُ
مستوحشٌ
والسماءُ البعيدةُ
يا للسماء البعيدةِ!
نائية هيَ
يا للسماءْ!
1- عينُ القطة
حين هبطتُ ببغدادَ
تساءلتُ: "ترى أين سأذهبُ في هذا الليل
الحالك؟"
(الساعةُ كانتْ في بغدادَ الرابعةَ صباحا)
ساحاتٌ مقفرةٌ
نُصُبٌ هائلةٌ سوداء
(تكادُ تغادرُ موضعَها)
نارٌ أصغرُ من عين القطةِ
(تومئُ لي)
نجلسُ ملتصقَين
- أنا وحقيبتيَ الجلد-
غريبَين:
مقاعدُ من خشبٍ
(تهتزّ..)
فراشاتٌ حول النار تحومُ
ظلالٌ هاربةٌ
قططٌ
(تلمعُ أعينُها)
كان البردُ شديداً والشايُ ثقيلاً
(والساعةُ في بغداد الخامسةُ صباحاً)
(الساعةُ في بغداد السادسةُ صباحاً)
والنارُ تشبّ
الشمسُ تشبّ
وترتفعُ الضجةُ..
وقعُ خطىً مسرعةٍ
صيحاتٌ
تتردّدُ في الساحةِ
صيحاتٌ نائيةٌ
من يسمعها؟
تنفجرُ الآن
2- منظر من النافذة
إلى الصديق برهان شاوي
إشارة إلى ما جاء في روايته (مشرحة بغداد)
من نافذةٍ
ينظرُ.
ثَمةَ جثثٌ تمشي
عند الجسر..
سأهبطُ
- قالَ-
وألحقُ بالموكب
(هل أغلقُ نافذتي؟
هل أغلقُها؟)
ما أطولَ موكبَهم!
موتى
أم أحياء؟
وذاك الطفل..
السائرُ بين الموتى؟
منْ أين أتى؟
ذاك الطفل؟
3- دار سينما
في الظلمة حين أمرّ وقد شربتني الخمرةُ، أبصرُ
أحجاراً تتحرك، رايةَ قبطانٍ هُجرتْ، أطيافاً نُسيت لقراصنةٍ دَفَنوا أسلابَهم في
الساحل ومضوا.. أطيافاً تتردد، أضواءً تتقاطع خاطفةً، سفناً غرقى، أخشاباً تلمع،
والوجه الضاحك في الماء هناك لمنْ؟
أعشابٌ تنطفئ،
سأتبع ظلّي.
ظلّي يسبقني فلأسرعْ!
ظلّي أين ترى؟
ماعدتُ أراهُ، وقد خطفتْ أضويةٌ عابرةٌ في الشارع.
4- هل حدث هذا؟
إلى الدكتورحيدر محسن إثر جولاتنا المبكرة في
الفجر
في الفجر .. في الفجر تماماً
ملاّحٌ يقفُ على الضفّة،
يحملنا
يحملُ معنا الشمس
وبضعَ نجومٍ شاحبةٍ
(منْ جاء بها؟)
كان الجسر قريباً
لكنّا آثرنا أن نقطعَ دجلةَ نصفين
ونحطّ على الضفّة
نحن وبضع نجومٍ شاحبةٍ
والشمس
كان على الضفّة صفّ عباءاتٍ سوداء
لم نسألْ
كان الملاّحُ هنالك في الجهة الأخرى
يرقبُنا
.
عبد الكريم كاصد
العراق