خلافات حادة بين المثقفين ..بسبب " حريم البهلوان " !!
فاطمة ناعوت وبدور ود.إيمان :اليمين واليسار حولوا المرأة إلى سلعة!
د.عادل ود.وهدان : النساء تاجرن بالرجل وليس
العكس.. والتطرف كفر!
الاتجار بالدين؛ الاتجار بالوطن ؛ الاتجار
بالمرأة..آلية من آليات الصراع بين المتطرفين: يمينا ويسارا في مسرحية (حريم
البهلوان) التي صدرت لي مؤخرا عن هيئة الكتاب في سلسلة الإبداع المسرحي..وأقامت
اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين ندوة نقدية لمناقشتها بقاعة حسنين هيكل.
الندوة شهدت نقاشات حادة ؛ وخلافات فكرية واسعة بين الحاضرين من المناقشين الأساسيين : د.عادل النادي ود.إيمان زيدان ود.ناصر وهدان ..والمبدعين والنقاد والفنانين الحاضرين بكثافة وقوة في هذا النقاش ؛ ومنهم :
فاطمة ناعوت وسامي الزقم ود.أيمن السيسي ونبيل أبو السعود ود.جمال عبدالعظيم
وأحمد عبده وبدور وسلوى ستيفن ود.سلوى زكريا وفاطمة بدر واللواء أيمن خطاب وحمادة
الجندي ومها الغنام و مرڤت البربري وأسعد رمسيس و خالد العطفي وفرج محمود ورباب
فؤاد ونهال القويسني و اسلام شريدح و المستشار هانى الخولي وعبد العليم إسماعيل
وأحمد فتحي ورياض حمادي (اليمن) وعبده سالم ( اليمن) وبشرى صلاح الدين ( سوريا)
وإسراء سعد وولاء مكاوي و الشاعر ناصر رمضان و احمد الشوكي و اشرف فتحى عامر ود.علاء محمد
وعلي نوح واحمد غريب ووليد مصطفى ..وغيرهم..
الندوة أدارها محمد شلبي وشارك فيها محمود حامد
رئيس تحرير سلسلة الإبداع المسرحي وجودة رفاعي رئيس الإدارة المركزية للشئون
الثقافية بهيئة الكتاب ..واستهلها الفنان حسنى عامر بغناء قصيدتي:( حورية وكأنها
بشر) من ألحانه.
تحدث النقاد : د.عادل النادي ود.ناصر وهدان
ود.إيمان زيدان عن هذا الصراع الممتد منذ حوالي قرن _ والذي تعالجه المسرحية _ بين
التيار المدعي للدين والتيار المتبني لليسار ؛ وادعاء كل منهما أنه يعمل لمصلحة
الوطن وحماية الدين ؛ بينما يتصارعان على المصالح والمطامع ؛ من سلطة ونفوذ وأموال
حتى الاستحواز على النساء!! بينما يقف الشعب تائها حائرا بين الثورين المتصارعين!!
وقد عالج الكاتب حزين عمر قضيته هذه عبر مذهبه المسرحي الخاص به _ كما يذكر د.عادل
_ فهو لا ينتمي لمذهب بريخت ولا لشكل الكوميديا والتراجيديا التقليدي المعروف .
ورأى محمود حامد القوسين اللذين فتحهما الكاتب واستخدام الفلاش باك تأكيدا
لاستمرار الصراع وان الشعب مازال حائرا خارج هذه الدائرة .وأضاف د.ناصر وهدان أن
الكاتب حزين عمر " دائرة معارف متنقلة" ..فلديه بصماته الخاصة في المسرح
والشعر والنقد والفكر السياسي وحتى الكتابة الساخرة . وتوقفت د.إيمان زيدان على
آلية اللغة السلسة المتدفقة التي صيغت بها ( حريم البهلوان) ..وقد عرضت عام
٢٠٠٤باللغة الفصحى .ثم أعاد الكاتب صياغتها بالعامية الراقية ؛ مقدما نمطا من
المثقفين الانتهازيين بطريقته الخاصة التي يمكن أن تقارن بمثيلاتها لدى كتاب مسرح
آخرين عالميين ..والمرأة هنا إرث بين المتصارعين !
معادلة صفرية
تحدثت فاطمة ناعوت عن التماس مع التراث الذي وظفه
الكاتب قبل هذه المسرحية في مسرحياته السابقة ..ومنها ( بنات للبيع) و( سارة
وأخواتها) و(أبطال قهوة جداليا) ..وهو هنا يعبر عن " المعادلة الصفرية"
في الصراع بين المتحدثين باسم الوطنية وباسم الدين ؛ مع تغييب الشعب. ولا ندري إلى
متى سيظل هذا التغييب ؟! كما أن المرأة تبدو مشوهة سلبية تنتقل من يد لأخرى ؛
ويستغلها الرجل أسوأ استغلال من كل الاتجاهات! وفي هذا التصور دعمت الفنانة بدور _
إحدى بطلات العرض حين تقديمه _ وجهة نظر فاطمة ناعوت وكذلك تصور د.إيمان حول
المرأة ومكانتها المتدنية حسبما تعالجها المسرحية التي كنا نستمتع بتشخيصها كل يوم
على المسرح بلغة فصحى عذبة ممتعة وكان الجمهور يستمتع ويتحمس لها جدا..وحتى لتوظيف
المرأة كسلعة في هذا الصراع! فالذين يتاجرون بالوطن والدين لا يتورعون عن الاتجار
بالمرأة.
احتد د .عادل على هذا التوصيف .ورأى أن المرأة هي
التي تتاجر بالرجل وتوظفه وتوجهه وليس العكس!! كما أن الشخصية الوحيدة الإيجابية
تجسدت في امرأة لا رجل.
وحول كيانات التطرف المتصارعة مع تيارات اليسار
يؤكد د.النادي أن التطرف والإرهاب الذي يكفر الناس هو الكفر بعينه !
وذكر أحمد عبده أن اليسار المتاجر بالشعارات
الوطنية هو الأقدم ..وتوالدت تيارات الاتجار بالدين كرد فعل لانتهازية اليسار
هذا..لكن جودة رفاعي يرفض أن تنسب الانتهازية والاتجار بالوطنية لليسار وحده..إنه
تجن على عطائه الوطني الكبير.. وأطلقت رباب فؤاد سؤالا ذكيا : لماذا جعل حزين عمر
الشخصية الانتهازية تحمل اسم " أنور" البهلوان؟!!
أشار د.جمال عبدالعظيم إلى أخذ الكاتب بشكل السرد
الاستباقي..فهو يرسم شخصياته بحيث نستطيع التنبؤ بسلوكها المستقبلي ..كما أن النص
لا يقع تحت تصنيف بعينه بل كيان فني مستقل..مثل صاحبه تماما والذي لا يمكن أن يصنف
: يمينا أو يسارا ؛ بل هو صاحب شخصية فكرية مستقلة تماما .وقد دفع ثمن استقلاله
هذا كادباء كبار سابقين : السحار وباكثير وأمين يوسف غراب...والنص هنا مهتم بالرموز المغرية بالتأمل والنقد..ونبه المؤرخ
الوطني سامي الزقم ٱلى أن حزين عمر قدم إنجازات فكرية في مختلف المجالات لصالح
الهوية القومية والقيم العليا..وهو قطب من أقطاب الثقافة العربية..ويجسد دور
المثقف كما يحب أن يكون.
تهديد الكاتب بالاغتيال
!!
أكد بعض الأدباء أن الكاتب حزين عمر يتخذ موقفا
حاسما ضد الفساد والتطرف والإرهاب في هذه المسرحية ؛ بل وفي كثير من إنتاجه الفكري
والشعري والمسرحي والنقدي ؛ ويفضح هذه التيارات الإرهابية الظلامية بكل السبل المتاحة
له : كتب ؛ صحافة ؛ لقاءات تليفزيونية ؛ ندوات فكرية ..ولذا فهو يضع نفسه في مرمى
الفاسدين والمتطرفين والارهابيين جميعا..ويناصبهم العداء فيحاصرونه ؛ بل قد
يغتالونه ..وقد هددوه فعلا من قبل . ومسرحية ( حريم البهلوان) نموذج لهذا الموقف
الصريح والقاطع.
في ضوء هذا التوجس من الإرهاب تجاه حزين عمر ردت
الشاعرة فاطمة بدر بأنه جرئ طوال عمره
..على المستوى الفكري والإبداعي وحتى السلوك الشخصي. وهو يعبر دائما عما يعتقد؛
بصرف النظر عن العواقب !!