الجندي المحارب مبدعا و فنانا
العقيد بن دحو
جل المدارس و المذاهب
الأدبية و الفنية من الكلاسيكية التقليدية و مرورا بالسيريالية و الدادائية إلى
الاتجاهات العالمية الحديثة و ما بعد الحداثة ، تناولت الجندي العسكري المرابط على
الثخوم و المتخندق في ساعات الحرب فنانا مبدعا ، الحارس الحارس الشفيع الوريث الذوذ
عن الوطن كما يذكر كافة الفنانين في معارك الفنون الزمكانية.
ولعل السيريالية مدرسة
ومذهبا و كذا الوجودية كانت اكثر المذاهب من صرفت العسكري الجندي مع صفوف الفنانين
الثواقين للعمل و الحرية و المساواة و كذا مبعثا إلى الاستقلال من الضفادع
المستعمر المستدمر.
قد نتفهم طبيعة و بيئة
وميلاد السيريالية ، كونهانشات مع الحرب العالمية الثانية ؛ يوم كانت النازية و
المداعبة الألمانية تلك مدينة الجن و الملائكة باريس عاصمة فرنسا.
يومئذ لم يعد يفرق بين
المدني و العسكري ، كون مصير الجميع صار وحدة مشتركة.تحرير باريس بالفن و بشتى
الوسائل الممكن و غير الممكن، بجنون التاريخ و جنون المستقبل : " ولكن عقلاء
و نطلب المستحيل " !. أو كما كان يقول الشعار.
او " لا حرية لاعداء
الحرية " .
ولعل المفكر الوجودي
الفيلسوف جسد معركة باريس مع النازية غي مسرحية ( الذباب) ، التي كانت مقتبسة عن
ثلاثية ( اسخيلوس) اليوناني:" الاوريستة " حاملة القرابين _ اجاممنون _ اوريست
.
استطاع الجندي المحارب ان
يكون مبدعا في ميدان الورى الكر و الفر ، التخندق ، التمويه و مختلف أساليب القتال
الأخرى. ...بل استطاع ان يمتاز بما امتاز به الفنان....بل استطاع ان يحول على
أسطورة الفنان ، جنبا إلى جنب الكاهن و الشاعر.
فإذا كان الكاهن يمتاز
بصفة المعرفة و التكهن و الاستشراف ، و اذا كان الشاعر يمتاز بصفة الخلق ، فإن
الجندي المحارب المقاتل يمتاز بصفة القتل.
فالجندي التاريخي
ااسيريالي ان لم يقتل و يذوذ عن أرضه و عرضه سوف تقتل.
لقد حسيت السيريالية انزل
و أعلى مراتب التخلي يوم جعلت الجندي المحارب ببندقيته يسامح الفنان التشكيلة
بروحه الفنية ، يسامت النحاث بمنحوثته ، يسامت الموسيقي بمعرفته الموسيقية ، يسامت
الممثل بلوزة مشهدمسرحيته ، يسامت الراقصة بركاته اليكوغرافية.
صحيح انه يمسك ببندقيته
رمز القتل ولكنها ليست رمز العدم : " انه يمسك بالحياة ويعيد توزيعها حسب
قاعدة الغناء و عدالة الرقص " او كما يقول رجاء / او روحي غاوي المفكر
المستشرق.
كان الجندي المحارب
المقاتل هو نفسه(رامبو) صاحب الشعار : " سبب تقولي على الآخرين كوني بدون قلب
"!.
كان هو ايضا (بريتون)
،وكان هو ايضا (اليوار) ، و كان ايضا (ابولينير) و العديد العديد من قوافل مجاهدي
السيريالية جاهم استشهد والباقي ظل بالاسر إلى آخر أجواء جندي الماني نازي الذي
حول مدينة باريس إلى وكر الذباب، مدينة القذارة و العطن ؛ رائحة الجثث و القتل تملأ
المكان.
صحيح الجندي المحارب قام
بوظيفته النمطية الدفاع و لكن عندما مارس الفن و هو يدافع القتل تبث المشهد في
اللاوعي و اخرج لنا لوحة و منحوثة و معزوفة و إيقاع كوريغرافيا يهز و يعلم و يمتع
و يؤرخ لمرحلة معينة من بس و مأساة الحرب ؛ ومن جور الإنسان لأخيه الإنسان.
الفن ما يبقى بعد ان حطت
الحرب اوزارها.
وماهو في الاخير يحول الجندي
المقاتل المحارب بما يحول عليه الفنان.
اخيرا و ليس اخرا صار
الجندي المقاتل المحارب فنانا مبدعا له أسطورة، ومن حيث الأسطورة ميراث الفنون كما
يقول (نيكولاس فريده).
* نصيحة
=======
اقراها العديد من المذاهب
و المدارس الفنية فإنها شبيهة بخطط و بمساطر الحرب كما هي بالسلم.