إبراهيم جابر إبراهيم
***
يفركُ كَفَيّه ، خائفاً ، من المفاجأة الساحرة
ويقولُ ( الذي سيصيرُ نبيّاً عمّا قليل ) :
يا خديجة اصعدي بي الى بيتِـك !
.
وخديجةُ امرأةٌ تفهمُ في التجارةِ ، والحنين ،
فتُعِـدُّ للمعجزة شروطَهـا : لا أهل للضعيف سواي
عَلَيَّ أن أمضي الى آخر الحبِّ ، ..
وأن أُضَمّـد " الروايـة المريضة "
باليقين !
ولا شيء أخسـرُه ؛ ( تقول التي ستصير السيدة
الأولى عمّا قليل )
فالغَيـبُ كنزٌ ثريٌّ
وفي الغيب متعةٌ
..
لا أحد سمع الموسيقى التي وَقعَتْ ، في الليل ،
على باب النبيّ ؛
مثلما تقعُ سورة " الرحمن " في بيتِ
رجلٍ غزير الذنوب !
..
يا سُراقة اتركني في غاري سعيداً . أُطعم الحمامتين
قشر اللوز وأغنّي للعنكبوت
لكي ينام .
ماذا تريدُ قريشُ مِنّي !
ليس معي غير " رسائل الله لي " ، وشالها
الخمريّ ، و "موعد عاطفيٌّ " في المدينة .
اتركني
ولكَ خاتَم الحُكم حين أُمسكُ الحكم ..
وكاميرات الصحافة
وما ستدرُّ عليَّ "قصار السور" من
نجومية !
..
في اليوم الثاني للهجرة
جاع النبي !
جاءت النساء ، وجاء تجار المدينة ، يملأون الصحون
بالأغاني وبالهتاف ، ويغنّون للرجل النحيل من شبابيك الحافلات : طلع البدرُ !
والبدرُ يشدّ بكفّه على بطنه الضامرة !
..
وجاءت من أقصى المدينة امرأةٌ شقراء، بعينين
ماكرتين ، وبالٍ مُجرّح ، تُقشّرُ لُه الكلام : سأهديك قلبي ليلتين ، وأُقَسِّمُ
النهار بيني وبينك !
تُعطني ، مثلاً ، سورتين قصيرتين ، أغسل بهما اسمي
الكريم من الحسَد
وأُطعمُ أنا - عليكَ السلام - خـَـيلَكْ !
..
..
وراحلةُ النبيّ تدبُّ في الرملِ : سأردُّ الفتى
لأمّه سالماً ، فحاذرنَ أن تُورّمنَ عينه بالعتاب ،
وأن يُجرّحهُ حرير أثوابكن ، حين ينام !
.
في السرير الفقير ، السرير الذي رتّبته المضيفات
على عجلٍ ،
كان يحدثها عن " طريق اللاجئين " : دخلت
شرطةُ مكّة بيتي ، وداهمت مكتبتي ، وعَلّقوا أبي على صليبٍ شاهقٍ حتى قال العامّة :
طار !
..
نام النبيُّ بكامل اسمه ، وفي الباب تنازَعت
امرأتان على مصحفٍ لا زال في المطبعة :
قالت الثانية : هو لي ، .. ربما لأنني يستهويني
قبضُ الألم !
قالت الأولى : وهو لي ، لأنه كنزي القليل، ولأنه
تجربتي في الندم !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم جابر إبراهيم
فلسطين