هيثم الأمين
🌹🌹
"وان مان شو"
ــــــــــــــــــــــــــ
أشاهدُ، الآن، فيلما
سينتهي بموت البطل !
في آخر لقطة، سيموت
البطلْ
دون أن ينقذ العالم،
دون أن يكتب وصيّته
الأخيرة
ودون أن يبوح بحبّه
لامرأة جميلة تبكي لأجله...
يزعجني
ضجيج محرّك الثلّاجةِ
وزخّات المطر، في الخارجِ
تزعجني.
علبة التّونة الفارغة
التي
حوّلتها لمنفضة سجائرٍ
تشاهد معي الفيلمْ
وتسعل كثيرا !
سيموت البطل
خارج قصص الأشرارْ،
خارج المغامرةِ
وخارج حلم كاد أن
يتحقّقْ..
سيموت، حتما
لأنّه كان في الوقت و
المكان الصّحيحين للموتْ
وكان في الوقت و المكان
الخاطئين لمواصلة الحياة !
بيضتان مقليّتان.. في
الصّحنْ؛
الصّحن على طاولة صغيرة
وهناك، أيضا، خبز
وكوب شايْ..
نجلس معا و نشاهد الفيلم
الذي
سيموت فيه البطلْ !
لا قبلات في الفيلم،
لا قصّة حبْ
ولا حتّى كومبارس !
يقول متأفّفا..كوب الشّايْ...
يقول الخبز:
هذا هو "الوان مان
شو"
وتصمت البيضتان و يصمت
الصّحنْ !
للتّوضيح: هذا الفيلم
الذي أشاهده، الآن
لم أشاهدهُ قبل اليوم
ولا علبة التّونة التي
حوّلتها لمنفضة سجائر.. شاهدته !
مع هذا، أنا متأكّد جدّا
أنّ البطل سيموت في آخر لقطة من الفيلمْ
ولا أحد سيحمل عنه ثقل
الأسماء التي كان يعاني منها
ولن يولدَ من موته اسمٌ
يعلّق في أوّل شارع ما..
سيموت البطلْ
دون أن يكتب اسمه على
جدران امرأة تخبّئها المدينة في حقيبة سفرها
لأنّه لم يكن.. لغة واضحة
ولم يتعلّم كيف يكون حانة
ورديّة
ولأنّه.. سيموتْ
في آخر لقطة في الفيلمْ
!!
تبتسم البيضة المقليّة
التي نجت من فمي؛
انتهى الخبز
ولا رغبة لي في النّهوض
لجلب المزيد من الخبزْ
فأنا.. أخشى
أن يموت البطل في غفلة
منّي
لأنّي.. كلّ جمهور الفيلم
!
يصمت محرّك الثلاجة،
تمسح تلك الغيمة العابرة
دمعها حتى لا تبلّل أكثر القطّة الهاربة من بيت صاحبتها البخيلة
وحتّى لا تشوّش بغبش
الماء
آخر لقطة في الفيلمْ !
الآن وكما توقّعتْ
مات البطلْ !
ماتْ.. لأنّه أخطأ
تقديرالمسافة بينه و بينه
فسقط
في هاويته !
يصفّق محرّك الثلّاجة،
الغيمة العابرة، علبة التونة، الصّحن، الطاولة الصغيرة، البيضة المتبقّية، كوب
الشّاي الفارغ، القطّة الهاربة
و البطل الذي مات في آخر
لقطة من الفيلم !!
