جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
عز الدين نجيبلوحاتمحمد طوسوننقد

إسراء الروح فوق مراقى النورعند الفنان محمد طوسون

 

عز الدين نجيب

إسراء الروح فوق مراقى النور
        عند الفنان محمد طوسون

 



     النور والنورانية هما المبتدأ والمنتهى للشواطئ اللامتناهية لعالم هذا الفنان ، إنه يسرى بقاربه البللورى عبر سماوات وبحار وصحارى وأخاديد لم تطأها قدم ، مدفوعا بروح عطشى للتجوال والمثول بين يدى الخالق ، وللإسراء عبر كواكب وأفلاك ليس  لأعماقها قيعان ، ولاتمتد بين مداراتها جسور...هذا هو عالم الفنان المصور/المزخرف/الكاليجرافى/الرسام محمد طوسون.

     لا أذكر متى شاهدت أعماله أول مرة..غالبا فى الثمانينيات من القرن الماضى ، كان آنذاك شابا ينسج أطيافه النورانية بحروف عربية تشع من خلفها أضواء خفية ، فتتماوج وترق حتى تشف بين تدرجات الألوان القزحية ، محفوفة بالقداسة والسحر والمجهول ، فتصير  تراتيل وصلوات ، او أنغاما معزوفة بآلات منفردة ، من الكمان حتى الأرغن ، ومن الناى حتى الجيتار ، ومن الرق حتى الطبل ، متصوفُُ عريقُُ هو.. يقف منذ شبابه على باب الله طالبا مرضاته مسبحا بحمده، منشدا وناشدا ان يذوب فى ملكوته حتى يصير نجما بين كواكب الكون ومجرٌَاته.











    أخذته جلالة العشق الإلهى فى السنوات الأخيرة الى عالم التجريد ، بدون مجسمات مادية أو حتى حروفية ، إلا فيما ندر ، مكتفيا بما يصوره له خياله من منابع النور وهى تفيض من أعماق جوف الكون إلى فيافى الصحراء ، ومن أمواج المحيط إلى طبقات السحاب ، وهى ترشح بالنور الذهبى مجهول المنبع والمصب ، إنه يصور  فى لوحاته الزيتية الفخمة سلالم بللورية تتلألا بالنور وهى ترتقى الى طبقات فوق طبقات ، وتمر عبر مسارات دائرية أو حلزونية إلى غير نهاية ، ثم تكتمل عند ساحة النور العلوية التى تشبه صحنا أسطوريا هائلا يفيض منه النور كسدرة المنتهى ، وتحفٌُ بهذه المسيرة عن يمينها وشمالها أجنحة ملونة بألوان قوس قزح ، تتبدل أشكالها بين أجنحة الفراشات وأجنحة الطواويس وأجنحة البراق بوجه إنسان وجسم حصان ، ويشق بها أجواز الفضاء ، وتتبدى هذه الأجنحةأحيانا أخرى كأشرعة بيضاء أو مموٌَهة بالذهب واللازورد  ساعة الأصيل ، وأحيانا ثالثة تبدو ساجية وحانية عند مشرق الكون ، وأحيانا رابعة تبدو ساخنة وهٌَاجة عند مغربه ، وأحيانا خامسة تبدو محنٌَاة بلون البرتقال او النحاس لحظة سقوط قرص الشمس وراء أفق المغيب فى بحر مجهول.

     إنها رحلة الإسراء والمعراج الأبدية لهذا الفنان المتيم بعشق الرحمن ، يخوض الرحلة فوق بساطه السحرى أوقاربه البللورى أو براقه المجنٌَح ، باحثا عن منابع النور ، ماراً بدوائر حلزونية و بؤر هائلة الاتساع ينبثق من جوفهاطوفان النور ، وقد يحلٌِق طائرا بأجنحة الخيال ناظرا بعيون البصيرة ، وكأنه يستعذب مشاق الرحلة ويستمتع بعذابها لذاتها لا لغاية وراءها.

     لقد أجٌَلت طويلا الكتابة عن هذا الفنان ، لأنها أصعب أنواع الكتابة ، حيث كنت أتوه بين بوابات عالمه السحرى الذى تتلاشى فيه الحدود النوعية بين التصوير والزخرفة ، وبين الفن والتصوف ، فلا أعرف من أى بوابة أدلف الى هذا العالم لأفض أسراره ، لكننى مع فجر اليوم ، وأنا أنصت إلى تسابيح المؤذن للصلاة ،وقد بلغنا النصف من رمضان ، تداعت على خاطرى وقلبى تسابيح "طوسون" اللونية، فوجدت باب الكتابة ينفتح أمامى ، دلفت وكأننى أدلف إلى مراقى النور ، وأصعد مستجيبا لنداء الروح مع اكتمال البدر فى الشهر الفضيل ، وتركت للمعانى والمشاعر قياد الكلمات ، فوجدتها تتداعى وتكتبنى قبل أن أكتبها !


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *