ماهر محمد
شاهد رجلاً،
شاهد رجلاً،
نصفه بشريّ
ونصفه الآخر لا يتذكره..
شاهد مقشةً تطيرُ وحدها..
بحر يغرق في شبر نافذة..
شارع بأكمله يجري خلفه
بينما يقفُ الرصيف حافياً
يتسوّلُ أقداماً على
إشارات المرور
إستطاع أن يُفلت منهم
كما أفلت منه قلبه
لشدة تسارع نبضاته..
توقف قليلاً عند بائع
عصير
ولم يشرب شيئاً
لأن غيمةً تُلاحقه
بنظّاراتٍ.. أربكتهُ
تحملُ تحت إبطها جريدة
ماطرة..
شاهد جاراً يغمزُ لزوجة
جار
وربّ عائلةٍ قتل
العائلة..
رغيف عجوز عضّهُ من يده
بعد أن حاصره في زقاقٍ
ليأكُله..
عاصر جنازةً لقطةٍ يسير
خلفها كلاب..
في الشوارع،
يُنادون بإسم الله على
بضائعهم كذباً
في الجوامع،
تقفُ الغيمةُ حاملةً
جريدتها
لتتأكد من سير خطبة الجمعة
على ما يُرام
ثم قبضوا عليه صدفةً من
أفلت منهم
بعد أن وشى به عصير قصب
لم يشربه سابقاً..
نكّلوا به وجرّدوه من
ذاكرته
وأجبروه على ابتلاع
أسنانه..
إستيقظ الكابوس بعد ذلك
صارخاً مرعوباً
مُتعرّقاً ولاهثاً
يتحسّس بيديه الهواء
الساخن..
عزّ عليه أنه لم يُشاهد
دماً
يُبطلُ مفعول ذلك البشريّ
الذي يُدعى إنسان
الجاثم على صدره..
صورة مقلوبة..
