دعاء سويلم
🌹🌹
كنتُ وما زلتُ بنتاً صالحة
في صغري قبّلت قدميّ أمي
حينما رفعت صوتي عليها؛ حتّى تسامحني،
وحينما كبرت أصبحتُ عكاز
أبي، أمشي معه صباحاً في الشّارع، أعلّمه مثل طفلٍ يتعلم بدايات المشي
سهرتُ بجانبه حينما مرض،
قرأت عليه آية الكرسي التي أحبّها،
في الحيّ يضربون بي
المثل، وجارتنا المسكينة تحبني؛ لأنها لا تمتلك أولاداً وهي أكبر من أبي تسمعني
بعض الأشعار القديمة؛ حتّى أضحك في وجهها، وأهتمّ بها.
أهكذا تفعل الوحدة؟ نبحثُ
عن أي شيء يعجب الآخرين؛ حتّى يرانا؟
مع ذلك عشتُ بائسة،
أحياناً أخافُ من صوت الهاتف، من رنين الجرس، من نوم أبي، من تأخّر أمي في العمل،
أبدو مثل المجنونة، على الدّوام أخاف من فقدان أحد، هل هذه الأشياء العادية تجذب
النّحس؟
عشتُ في الأحلام، في بعض
الأوقات يجب أن نحلم؛ لنتأكد بأننا من البشر.
تذكّرت البارحة بعض
الأولاد الصّغار، الذين كنتُ أشاهدهم وأنا أنتظر السيارة للذهاب إلى الجامعة،
كانوا يرمون أنفسهم على سيارات الدّاخل، يبيعون الأقلام والماء وغيرها، يومها لم
أفعل أي شيء سوى الألم، وها هو الولد الذي خرج من المدرسة لأجل أن يعالج أمّه،
وأعادته المدرسة؛ لأنّه خرج قبل السّن القانوني، ومع ذلك ما زال يعمل، ومن يهتم
أصلاً بهم؟
هكذا أقضي وقتي
بالتّفكير. أن تعيش داخل بيتك يعني أن ترى أشياء لا يراه البشر في الخارج، أن تموت
من الحسرة على غيرك أكثر من التّفكير بك.
وما خصني بالفقراء
البائسين ولديهم الله والمجتمع والعالم كلّه؟
أردتُ أن أرتاح؛ فكتبت.
أليست الكتابة أن ننقل ما في قلوبنا على الورق وإلى العالم؟