محمد حبشي
أسحقُ أحلامي الجافة ، التي ذبلت أوراقُهَا بين صفحات الكتب ، على أغصانِ الأعوام ،
أحفظها
في ثلاجةِ الموتى ،
مع ساعاتِ اللهو ، ألعاب
الطفولة ،
التي تجمدت براءتُهَا فوق
أرففِ النسيان ..
أنثرها
ك باقاتِ الورد ،
فوق قبور الذكريات ..
أخلطها
في لفافاتِ التبغ ، مع
أنين وحدتي ،
أنفثُ دخانَ حَنِينِهَا
الأزلي ، في وجه الهواء ..
أفتتُ
أشلاءَ جثتِهَا ،
إلى قطعٍ صغيرة من السراب
،
أبللها ب لعابِ لساني
المقطوع ، دموعِ حنجرتي ،
أمزقها ب أنيابِ الحزن ،
أمضغها بين فَكَّي
الفقدِ جيداً ،
ك كسرةِ حلم متساوية
الأضلاع ،
حتي تصير زواياها الحادة
لينة قابلة للبلع ..
أُطْعِمُ بها العصافير ،
التي تقفُ
على ضفافِ الجوعِ تتسول
العطش ..
طيورَ
عمري المهاجرة ،
التي لا تقوى على قطع
مسافات
الحزن الطويلة / عبور
منخفضات أحلامي السنوية ..
ألقيها من نافذةِ الأمل ،
لكلابِ أيامي
الضالة ،
التي نسيت في دروبِ
الصمتِ صوتَ النباح ..
أضعُهَا
على مائدةِ رئتي المتقرحة
،
للديدانِ التي لا تستطيع
هضم وجبة خفيفة من النيكوتين ،
غبارَ شارعين متقاطعين
من القطران ،
زحامَ الميادين المهدرجة
، المشبعة ب الأسى ..
أحقنُ بها
وريدِ غرفتي ،
فراغَهَا المُعَبأ ب
رائحةِ البن والدخان ،
جدرانها المحبطة ،
التي لم تجد مساحةً فارغة
، تستوعب مزيداً من الفشل ..
شُعَب
قصائدي الهوائية ،
التي امتلأت عن آخرها ، ب
ثاني أكسيد الخيبة ..
أكتبها على هامشَ حريتي
الوهمي ،
على صدرِ سحابةٍ سوداء ،
تتدلى
أثناء الليل ، من حبلِ
ذاكرتي السُرِّي ..
أرسِمُ بها
لوحاتي السريالية ،
التي تعاني من ضيقٍ في
التنفس ،
أواري بها
الشقوقَ المصابة ب الربو
،
شكوكَ أفكاري اللقيطة
المصابة ب عمى الألوان ..
من يمنحني آخر العمر ،
حلماً جديداً طازجاً ،
أملأ به ،
ما تَبَقَّى فارغاً ،
من خلايا ذاكرتي الحية ..
أحفظه في حجرات قلبي
المفتوح ،
المطلة على بحيرة
مقدسة ،
من دماءِ الصالحين / دموع
الأنبياء ..
أرَمِمُ بهِ
شروخَ أيامي القادمة /
زجاجَ خاطري المكسور ..
محمد حبشي / مصر ..